كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 9)

صالحة.
وقد نطق القرآنُ بإثبات مشيئة العباد في غير ما آية، كقوله: { ... لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [التكوير: ٢٨ - ٢٩]، {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (٢٩) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: ٢٩ - ٣٠]، {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر: ٥٥ - ٥٦].
ونطق بإثبات فعله في عامة آيات القرآن: {يَعْمَلُونَ}، {يَفْعَلُونَ}، {يُؤْمِنُونَ}، {يَكْفُرُونَ}، {يَتَفَكَّرُونَ}، {يَتَذَكَّرُونَ}، {يَجْعَلُونَ} (¬١)، {يَتَّقُونَ}.
وكما أنَّا فارقنا مجوسَ الأمَّة بإثبات أنه [تعالى] خالق، فارقنا الجبريَّة بإثبات أن العبد (¬٢) كاسبٌ فاعلٌ صانعٌ عامل.
والجبر المذموم (¬٣) الذي أنكره سلفُ الأمَّة وعلماءُ السُّنَّة هو أن يكون الفعلُ صادرًا عن الحيِّ (¬٤) من غير إرادةٍ ولا مشيئةٍ ولا اختيار، مثل حركة الأشجار بهبوب الرِّياح، وحركات الأبواب (¬٥) بإطباق الأيدي، ومثلُه في
---------------
(¬١) (ف): "يحافظون".
(¬٢) الأصل: "بإثبات أنه". والمثبت من (ف) أوضح.
(¬٣) مشتبهة في الأصل. وفي (ف): "المعقول". وأرجو أن الصواب ما أثبت.
(¬٤) (ف): "الشيء". وهو تحريف. ولم تحرر في الأصل.
(¬٥) بياض في أصل (ف).

الصفحة 102