كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 9)
ولهذا قيل: "إن من ثواب الحسنةِ الحسنةَ بعدها، وإن من عقوبة السيئةِ السيئةَ بعدها" (¬١).
وكذلك العملُ السيِّء ــ مثل الكذب، مثلًا ــ يُعْقِبُ صاحبَه في الحال ظلمةً (¬٢) في القلب، وقسوةً، وضيقًا في صدره، ونفاقًا، واضطرابًا، ونسيانَ علمٍ كان يَعْلَمُه (¬٣)، وانسدادَ باب علمٍ كان يطلبُه، ونقصًا في يقينه (¬٤) وعقله، واسودادَ وجهه، وبغضةً في قلوب الخلق، واجتراءً على ذنبٍ آخر من جنسه أو غير جنسه، وهلمَّ جرًّا، إلا أن يتداركه الله بلطفه (¬٥).
فهذه الآثار التي (¬٦) تُورِثها الأعمالُ هي الثوابُ والعقاب، وإفضاءُ العمل إليها واقتضاؤه إياها كإفضاء جميع الأسباب التي جعلها الله أسبابًا إلى مسبَّباتها (¬٧).
فالإنسان إذا أكل أو شربَ حصل له الرِّيُّ والشِّبع، وقد ربط الله تعالى
---------------
(¬١) أخرجه أبو عبد الرحمن السلمي في "طبقات الصوفية" (٣٨٢)، ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (٦٨٢٩)، والقشيري في "الرسالة" (١/ ١٢٥) عن علي بن محمد أبي الحسن المزيِّن (ت: ٣٢٨).
(¬٢) (ف): "يعاقب صاحبه في الحال بظلمة". وهو تحريف.
(¬٣) (ف): "ونسيان ما تعلمه".
(¬٤) الأصل: "نفسه". والأشبه ما أثبت من (ف).
(¬٥) (ف): "برحمته".
(¬٦) (ف): "هي التي".
(¬٧) الأصل: "كاقتضاء جميع الأسباب التي جعلها مسبباتها التي جعلها الله". وهو تخليط صححته من (ف).