كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 9)

من شيءٍ به أرحمُه؟ " (¬١).
وفي الأثر: "يا ابن آدم، البلاء يجمعُ بيني وبينك، والعافية تجمعُ بينك وبين نفسك" (¬٢).
وفي الصَّحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما يصيبُ المؤمن من وَصَبٍ ولا نصَب، ولا همٍّ ولا حزَن، ولا غمٍّ ولا أذى، حتى الشوكة يُشاكُها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه" (¬٣).
فصل
وأما ما يُحْدِثُه من الكفر والفسوق والعصيان، فهو أيضًا محمودٌ عليه حَمْدَ المدح وحَمْدَ الشكر.
* أما حمدُ المدح، فعامٌّ.
* وأما حمدُ الشكر، فلأن هذه الحوادث نعمةٌ في حقِّ المؤمن؛ لأنه مأمورٌ بإنكارها إذا وقعت، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من رأى منكم منكرًا فليغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"،
---------------
(¬١) يروى عن سلام بن أبي مطيع. انظر: "العلل" للإمام أحمد (٢/ ٣٢٢) رواية عبد الله، و"البصائر والذخائر" (٧/ ١٤٠).
وفي "قوت القلوب" (٢/ ٣٩)، و"الإحياء" (٤/ ٢٨٩) أن موسى عليه السلام نظر إلى عبد عظيم البلاء فقال: ياربِّ ارحمه، فأوحى الله إليه: كيف أرحمه ... .
(¬٢) هو من الإسرائيليات كما في "مجموع الفتاوى" (١٠/ ٣٣٤)، وذكره كذلك في "شرح الأصبهانية" (٥٥٧).
(¬٣) أخرجه البخاري (٥٦٤١) واللفظ له، ومسلم (٢٥٧٣).

الصفحة 388