كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 9)

من وَصَبٍ ولا نصَب، ولا همٍّ ولا حزَن، ولا غمٍّ ولا أذى، حتى الشوكة يُشاكُها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه" (¬١).
وفي المسند وغيره أنه لما نزلت هذه الآية {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: ١٢٣]، قال أبو بكرٍ: يا رسول الله، قد جاءت قاصمة الظَّهر، وأيُّنا لم يعمل سوءًا؟! قال: "يا أبا بكر، ألستَ تَنْصَب؟ ألستَ تحزن؟ ألستَ يصيبك اللأواء (¬٢)؟ فذلك مما تُجْزَون به" (¬٣).
وفي الصَّحيحين عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "مثلُ المؤمن مثلُ الخامة من الزَّرع تُفِيئها الرياح، تُقِيمها (¬٤) تارة، وتُمِيلها أخرى. ومثلُ المنافق مثلُ شجرة الأرز، لا تزال قائمَّة على أصلها، حتى يكون انجعافُها مرةً واحدة" (¬٥).
وفي المسند (¬٦) والترمذي وغيرهما أنه قيل: يا رسول الله، أيُّ الناس أشدُّ بلاءً؟ قال: "الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يُبْتَلى الرجلُ على
---------------
(¬١) تقدم تخريجه (ص: ٣٨٨).
(¬٢) الشدة وضيق المعيشة. وتحرفت في الأصل إلى "البلاء"، وهي على الصواب في سائر كتب المصنف.
(¬٣) أخرجه أحمد (٦٨)، وصححه ابن حبان (٢٩١٠)، وفي إسناده ضعف، لكن له طرقًا وشواهد يصحُّ بها. وانظر بسط تخريجه في التعليق على التفسير من سنن سعيد بن منصور (٤/ ١٣٨١ - ١٣٩٢).
(¬٤) في طرة الأصل: "تقومها"، وفوقها "ن" إشارة إلى نسخة أخرى، وليس أحد منهما في رواية الصحيح، والحديث مروي بألفاظ كثيرة من تصرف الرواة.
(¬٥) أخرجه البخاري (٥٦٤٣)، ومسلم (٢٨١٠) من حديث كعب بن مالك - رضي الله عنه -.
(¬٦) الأصل: "مسند".

الصفحة 404