كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 9)

بعذاب الدنيا ليتوبوا من ذنوبهم.
قال تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [السجدة: ٢١]، وقال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: ٣٠]، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: ٣٣]، وقال تعالى: {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا} إلى قوله: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: ١٤٦ - ١٤٨].
فمن رزقه الله التوبة بسبب المصيبة كان ذلك من أعظم نعم الله عليه.
* وأيضًا، فمن الخير الذي يحصل بها: دعاء الله والتضرُّع إليه.
كما قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ} إلى قوله: {مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: ٤٢ - ٤٣]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: ٧٦].
ودعاء الله والتضرُّع إليه من أعظم النعم.
فهذه النعمة والتي قبلها من أعظم صلاح الدين؛ فإن صلاح الدين في أن يُعبد الله، ويُتَوكَّل عليه، ولا يُدْعَ مع الله إلهٌ آخر، لا دعاء عبادة، ولا دعاء مسألة.
فإذا حصلت لك التوبة التي مضمونها أن تعبد الله وحده، وتطيع رسله، بفعل المأمور وترك المحظور، كنتَ ممن يعبد الله.

الصفحة 408