كتاب مسائل أجاب عنها الحافظ ابن حجر العسقلاني

منه تعالى؟
قال السائل: فهل ورد في الأخبار شيء من هذين اللفظين؟ وإذا لم يرد فهل يجوز إطلاق مثل هذا؟
فأجاب: الحمد لله، اللهمّ اهدني لما اختلف فيه من الحقّ بإذنك.
هذا الحديث لا استحضره، ومعناه دائر على الألسنة، [و] (¬1) على تقدير وجوده فلا إشكال فيه، بل الرواية بلفظ: "عدل الله" أظهر في المعنى من الرواية (¬2) بلفظ: "عبد الله".
وأمّا قول القائل: كيف يجوز وصفه بالظلم، وينسب إلى أنّه عدل [من الله تعالى] (¬3)؟ فجوابه: أنّ المراد بالعدل هنا ما يقابل الفضل، فالعدل أن يعامل كلّ أحد بفعله: إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشرّ، والفضل أن يعفو فضلاً (¬4) عن المسيء، وهذا على طريق أهل السنّة، بخلاف المعتزلة، فإنّهم يوجبون عقوبة المسيء، ويدّعون أنّ ذلك هو العدل، ومن ثَمَّ سمّوا أنفسهم أهل العدل والعدلية.
وإلى ما صار (¬5) عليه أهل السنة يشير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} [الأنبياء: 112]، أي: لا تمهل الظالم، ولا تتجاوز عنه، بل عجّل عقوبته، لكنّ الله تعالى
¬_________
(¬1) زيادة من "الجواهر والدرر" (2/ 928) و"المقاصد الحسنة" (ص 286).
(¬2) في الأصل: رواية، والتصحيح من الجواهر والمقاصد.
(¬3) زيادة من الجواهر والمقاصد.
(¬4) كذا في الأصل، وفي الجواهر والمقاصد: مثلا.
(¬5) كذا في "الجواهر" و"المقاصد"، وفي الأصل: صاروا، وهو على لغة: "أكلوني البراغيث".

الصفحة 12