كتاب المعجم الأوسط (اسم الجزء: 3)
2764 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ: نا قَطَنُ بْنُ نُسَيْرٍ الذَّارِعُ قَالَ: نا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ قَالَ: نا أَبُو طَاهِرٍ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدِينِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: كَانَ لِي أَخٌ يُقَالَ لَهُ أُنَيْسٌ وَكَانَ شَاعِرًا فَتَنَافَرَ هُوَ وشَاعِرٌ آخَرُ، فَقَالَ أُنَيْسٌ: أَنَا أَشْعَرُ مِنْكَ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا أَشْعَرُ، قَالَ أُنَيْسٌ: فَمَنْ تَرْضَى أَنْ يَكُونَ بَيْنَنَا؟ قَالَ: أَرْضَى أَنْ يَكُونَ بَيْنَنَا كَاهِنُ مَكَّةَ قَالَ: نَعَمْ، فَخَرَجَا إِلَى مَكَّةَ، فَاجْتَمَعَا عِنْدَ الْكَاهِنِ، فَأَنْشَدَهُ هَذَا كَلَامَهُ، وَهَذَا كَلَامَهُ فَقَالَ لِأُنَيْسٍ: قَضَيْتَ لِنَفْسِكَ، فَكَأَنَّهُ فَضَّلَ شِعْرَ أُنَيْسٍ، فَقَالَ: يَا أَخِي، بِمَكَّةَ رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَهُوَ عَلَى دِينِكَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قُلْتُ لِأَبِي ذَرٍّ: وَمَا كَانَ دِينُكَ؟ قَالَ: رَغِبَتُ عَنْ آلِهَةِ قَوْمِي الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ، فَقُلْتُ: أَيَّ شَيْءٍ كُنْتَ تَعْبُدُ؟ قَالَ: لَا شَيْءَ، كُنْتُ -[151]- أُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى أَسْقُطَ كَأَنِّي خِفَاءٌ، حَتَّى يُوقِظَنِي حَرُّ الشَّمْسِ، فَقُلْتُ: أَيْنَ كُنْتَ تُوَجِّهُ وَجْهَكَ؟ قَالَ: حَيْثُ وَجَّهَنِيَ رَبِّي، فَقَالَ: لِي أُنَيْسٌ: وَقَدْ سَئِمُوهُ، يَعْنِي: كَرِهُوهُ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَجِئْتُ حَتَّى دَخَلْتُ مَكَّةَ، فَكُنْتُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً وَيَوْمًا أَخْرُجُ كُلَّ لَيْلَةٍ فَأَشْرَبُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ شَرْبَةً، فَمَا وَجَدْتِ عَلَى كَبِدِي سَحْقَةَ جُوعٍ، وَلَقَدْ تَعَكَّنَ بَطْنِي، فَجَعَلَتِ امْرَأَتَانِ تَدْعُوَانِ لَيْلَةً آلِهَتَهُمَا، وَتَقُولُ إِحْدَاهُمَا: يَا إِسَافُ، هَبْ لِي غُلَامًا، وَتَقُولُ الْأُخْرَى: يَا نَائِلُ، هَبْ لِي كَذَا وَكَذَا. فَقُلْتُ: هُنَّ بِهِنَّ، فَوَلَّتَا وجَعَلَتَا تَقُولَانِ: الصَّابِئُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا، إِذْ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ يَمْشِي وَرَاءَهُ، فَقَالَتَا: الصَّابِئُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا، فَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلَامٍ قَبَّحَ مَا قَالَتَا، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» ، ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ لِي: «مُنْذُ كَمْ أَنْتَ هَاهُنَا؟» قُلْتُ: مُنْذُ خَمْسَ عَشْرَةَ يَوْمًا وَلَيْلَةً قَالَ: «فَمِنْ أَيْنَ كُنْتَ تَأْكُلُ؟» قَالَ: كُنْتُ آتِي زَمْزَمَ كُلَّ لَيْلَةٍ نِصْفَ اللَّيْلِ، فَأَشْرَبُ مِنْهَا شَرْبَةً، فَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سَحْقَةَ جُوعٍ، وَلَقَدْ تَعَكَّنَ بَطْنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§إِنَّهَا طُعْمٌ وَشِرْبٌ، وَهِيَ مُبَارَكَةٌ» ، قَالَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ سَأَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِمَّنْ أَنْتَ؟» فَقُلْتُ: مِنْ غِفَارٍ قَالَ: وَكَانَتْ غِفَارٌ يَقْطَعُونَ عَلَى الْحَاجِّ، وَكَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْقَبَضَ عَنِّي، فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: «انْطَلِقْ بِنَا يَا أَبَا بَكْرٍ» فَانْطَلَقَ بِنَا إِلَى مَنْزِلِ أَبِي بَكْرٍ، فَقَرَّبَ لَنَا زَبِيبًا، فَأَكَلْنَا مِنْهُ، وَأَقَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَّمَنِي الْإِسْلَامَ، وَقَرَأْتُ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُظْهِرَ دِينِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ أَنْ تُقْتَلَ» ، قُلْتُ: لَا بُدَّ مِنْهُ. قَالَ: «إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ أَنْ تُقْتَلَ» ، -[152]- قُلْتُ: لَا بُدَّ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ قُتِلْتُ، فَسَكَتَ عَنِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقُرَيْشٌ حِلَقٌ يَتَحَدَّثُونَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَتَنَفَّضَتِ الْحِلَقُ، فَقَامُوا إِلَيَّ، فَضَرَبُونِي حَتَّى تَرَكُونِي كَأَنِّي نُصُبٌ أَحْمَرُ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ قَدْ قَتَلُونِي، فَقُمْتُ، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَأَى مَا بِي مِنَ الْحَالِ، فَقَالَ لِي: «أَلَمْ أَنْهَكَ؟» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَانَتْ حَاجَةٌ فِي نَفْسِي فَقَضَيْتُهَا. فَأَقَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي: «الْحَقْ بِقَوْمِكَ، فَإِذَا بَلَغَكَ ظُهُورِي فَأْتِنِي» ، فَجِئْتُ وَقَدْ أَبْطَأْتُ عَلَيْهِمْ، فَلَقِيتُ أُنَيْسًا، فَبَكَى، وَقَالَ: يَا أَخِي، مَا كُنْتُ أَرَاكَ إِلَّا قَدْ قُتِلْتَ لَمَّا أَبْطَأْتَ عَلَيْنَا، مَا صَنَعْتَ؟ أَلَقِيتَ صَاحِبَكَ الَّذِي طَلَبْتَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ أُنَيْسٌ: يَا أَخِي، مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَأَسْلَمَ مَكَانَهَ، ثُمَّ أَتَيْتُ أُمِّي، فَلَمَّا رَأَتْنِي بَكَتْ، وَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ، أَبْطَأْتَ عَلَيْنَا، حَتَّى تَخَوَّفْتُ أَنْ قَدْ قُتِلْتَ، مَا صَنَعْتَ؟، أَلَقِيتَ صَاحِبَكَ الَّذِي طَلَبْتَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، قَالَتْ: فَمَا صَنَعَ أُنَيْسٌ؟ قُلْتُ: أَسْلَمَ، فَقَالَتْ: وَمَا بِي عَنْكُمَا رَغْبَةٌ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَأَقَمْتُ فِي قَوْمِي، فَأَسْلَمَ مِنْهُمْ نَاسٌ كَثِيرٌ، حَتَّى بَلَغَنَا ظُهُورُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدِينِيِّ إِلَّا أَبُو طَاهِرٍ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، تَفَرَّدَ بِهِ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ
الصفحة 150