كتاب الموسوعة القرآنية (اسم الجزء: 8)

(بكم) : قال عزّ وجلّ: صُمٌّ بُكْمٌ جمع أبكم وهو الذي يولد أخرس فكل أبكم أخرس وليس كل أخرس أبكم، قال تعالى: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ ويقال بكم عن الكلام إذا ضعف عنه لضعف عقله، فصار كالأبكم.
(بكى) : بكى يبكى بكا وبكاء فالبكاء بالمد سيلان الدمع عن حزن وعويل، يقال إذا كان الصوت أغلب كالرغاء والثغاء وسائر هذه الأبنية الموضوعة للصوت، وبالقصر يقال إذا كان الحزن أغلب وجمع الباكي باكون وبكى، قال اللَّه تعالى: خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا وأصل بكى فعول كقولهم ساجد وسجود وراكع وركوع وقاعد وقعود لكن قلب الواو ياء فأدغم نحو جاث وجثى وعات وعتى. وبكى يقال فى الحزن وإسالة الدمع معا ويقال فى كل واحد منهما منفردا عن الآخر وقوله عزّ وجلّ: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً إشارة إلى الفرح والترح وإن لم تكن مع الضحك قهقهة ولا مع البكاء إسالة دمع وكذلك قوله تعالى: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وقد قيل إن ذلك على الحقيقة وذلك قول من يجعل لهما حياة وعلما وقيل ذلك على المجاز، وتقديره فما بكت عليهم أهل السماء.
(بل) : للتدارك وهو ضربان: ضرب يناقض ما بعد ما قبله لكن ربما يقصد به لتصحيح الحكم الذي بعده إبطال ما قبله وربما قصد لتصحيح الذي قبله وإبطال الثاني. فمما قصد به تصحيح الثاني وإبطال الأول قوله تعالى: إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ- كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ أي ليس الأمر كما قالوا بل جهلوا فنبة بقوله ران على قلوبهم على جهلهم وعلى هذا قوله تعالى: فى قصة إبراهيم: قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ ومما قصد به تصحيح الأول وإبطال الثاني قوله تعالى: فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ. كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ أي ليس إعطاؤهم المال من الإكرام ولا منعهم من الإهانة لكن جهلوا ذلك لوضعهم المال فى غير موضعه، وعلى ذلك قوله تعالى: ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ فإنه دل بقوله: وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ أن القرآن مقر للتذكر وأن ليس

الصفحة 66