سنين أربعا- حب العلم والحديث ... الأمر الذي كان له الثمار التي آتت أُكُلَها في مرحلة الطلَب.
وأما المرحلة الثانية: فتبدأ منذ وفاة والِدِه وذلك في رجب سنة سبع وسبعين وسبعمائة للهجرة (¬1)، فيكون له من العمر أربع سنين، وكان قد فَقَد أمه قَبل ذلك وهو طفل (¬2).
وعليه فقد نشأ رحمه اللهُ لَطِيمًا (¬3)، إلاَّ أن اهْتِمَام والده به يَظهَر حينما أوصى به قبل وفاته كبير التجار الزّكي أبا بكر الخَرُّوبِيّ (¬4)، فقام على أمْره خَيْر قيام ولم يَأل جُهْدًا في رعايته والعناية به ... مِما كان له أعظم الأثر في تنشِئَتِهِ، فكانت في غاية العِفة والنزاهة والطهر والعفاف والأخلاق الحميدة (¬5).
ويظهر أثر وَصِيَّة الخَرُوبِي فيه من الناحية العِلْمية في الأمور التالية:
1 - دخل المكتب، لَمَّا أكمَل خمس سنوات، ورُزِق سرعة الحِفْظ بحيث حَفِظ سورة "مريم" في يوم واحد (¬6).
2 - أتَمَّ حفظ القرآن الكريم وله تسع سنين (¬7).
¬__________
(¬1) إنبَاء الغُمْر (1/ 174).
(¬2) الجواهر والدرر (ق 17: ب).
(¬3) اللطيم هو مَنْ يموت أبواه وهو صغير. المعجم الوسيط (2/ 826).
(¬4) هو أبو بكر بن علي بن أحمد بن محمد الخَرُّوبِي. كان تاجرًا كبيرًا بمصر، وورث مالًا كثيرًا وأصبح رئيسًا للتجار. أثنى عليه ابن حَجَر وقال: حَجَّ غير مَرَّةٍ، وجاور، وكُنْتُ رفيقه في المجاوَرَةِ وأنا صغير. تُوفي سنة (787 هـ). انظر: إنباء الغُمر (2/ 196)؛ والدُّرَر الكامنة (1/ 450).
(¬5) انظر: الجواهر والدرر (ق 17: ب).
(¬6) معجم الشيوخ لابن فهد (ص 71).
(¬7) الجواهر والدرر (ق 17: ب).