كتاب المطالب العالية محققا (اسم الجزء: 16)

لقد أكرم الله هذه الأمة المحمدية ببعثة نبيّه الأمين عليه صلوات الله وسلامه، وبإنزال كتابه المبين المهيمن على جميع ما سبقه من الكتب السماوية.

وقد جعل الله تعالى سنَّة نبيه -صلى الله عليه وسلم- مبيِّنة لهذا الكتاب شارحةً له مفصِّلَةً لمجمله، فهي في المرتبة الثانية بعده.
لذا كان الاهتمام بهذه السنَّة المطهَّرة والعناية بها والاشتغال بمتونها وأسانيدها من أفضل ما بذلت فيه الأوقات وأفنيت فيه الأعمار والساعات.

ومن فضل الله جلَّ وعلا وعظيم منَّته على هذه الأمة المباركة أن قيَّض لها على مرِّ العصور والأجيال أئمَّة وحفَّاظًا وجهابذة أفذاذًا يخدمون هذه السنَّة المباركة، ويبذلون كل غالٍ ونفيس في المحافظة عليها ودراستها وتمييز صحيحها من سقيمها، حتى تركوا لهذه الأمة كنزًا ثمينًا يتمثَّل في تلك المصنفات الضخمة والأسفار العظيمة في مختلف فروع علوم السنَّة وما يتعلَّق بها.

ومن هؤلاء الأئمة الحفَّاظ الذي قيَّضهم الله جل وعلا لخدمة سنَّة نبيه -صلى الله عليه وسلم- حافظ عصره ووحيد دهره الإِمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله، فقد خدم السنَّة النبوية، وصنَّف فيها كثيرًا من التصانيف النافعة المفيدة التي لا تزال عمدة في أبوابها، ومن ضمن تلك المصنفات الكثيرة التي ألَّفها كتابه الموسوم بـ "المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية".

وهو كتاب جَمّ الفوائد عظيم في بابه لم يسبق إليه مؤلفه؛ ولذا رأى قسم السنَّة وعلومها بكلِّية أصول الدين الحاجةَ ماسَّةً إلى خدمة هذا الكتاب وتحقيقه وإخراجه بالصورة اللائقة به، وبعد استشارة عدد من الشيوخ

الصفحة 6