كتاب المبسوط للسرخسي (اسم الجزء: 3)

وَاسْتَمَرَّ كَذَلِكَ فَحَيْضُهَا مِنْ أَوَّلِ مَا رَأَتْ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّ خَتْمَ الْعَشَرَةِ بِالطُّهْرِ وَتَصِيرُ هَذِهِ الْخَمْسَةُ عَادَةً لَهَا بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ؛ لِأَنَّهَا مُبْتَدَأَةٌ إلَى أَنْ يَنْظُرَ أَنَّ خَتْمَ الشَّهْرِ الثَّانِي بِمَاذَا يَكُونُ فَيَأْخُذَ دَمًا وَطُهْرًا وَذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ وَيَضْرِبَهُ فِيمَا يُقَارِبُ الشَّهْرَ وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ فَيَكُونَ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَآخِرُ الْمَضْرُوبِ طُهْرٌ فَقَدْ مَضَى فِي الشَّهْرِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ عَادَتِهَا ثَلَاثَةٌ وَبَقِيَ يَوْمَانِ وَيَوْمَانِ لَا يَكُونُ حَيْضًا وَمِنْ أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْعَادَةَ لَا تَنْتَقِلُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ وَتَخْرُجُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى قَوْلِهَا دُونَ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا بَيَّنَّا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَرَى الْبَدَلَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهَا لَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي إلَى أَنْ يَنْظُرَ أَنَّهَا هَلْ تَرَى فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ فِي أَيَّامِ عَادَتِهَا فَتَأْخُذَ دَمًا وَطُهْرًا، وَذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ فَتَضْرِبَهُ بِهِ فِيمَا يُقَارِبُ الشَّهْرَيْنِ وَذَلِكَ سِتَّةٌ فَيَكُونَ سِتَّةً وَسِتِّينَ وَآخِرُهُ طُهْرٌ فَقَدْ مَضَى مِنْ أَيَّامِ عَادَتِهَا فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ لَمْ تَرَ فِيهِ شَيْئًا.
وَصَاحِبَةُ الْعَادَةِ إنْ لَمْ تَرَ مَرَّتَيْنِ عَلَى الْوَلَاءِ يَسْتَأْنِفْ لَهَا مَوْضِعَ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ كَمَا تَنْتَقِلُ بِرُؤْيَةِ الْمُخَالِفِ مَرَّتَيْنِ تَنْتَقِلُ بِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ فِي أَيَّامِهَا مَرَّتَيْنِ وَإِذَا اسْتَأْنَفَ فِي مَوْضِعِ الرُّؤْيَةِ كَانَ حَيْضُهَا خَمْسَةً وَاسْتَقَامَ أَمْرُهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ دَوْرُهَا فِي كُلٍّ سِتَّةً وَسِتِّينَ يَوْمًا الْحَيْضُ خَمْسَةٌ وَالطُّهْرُ أَحَدٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى الْبَدَلَ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ يَقُولُ: يُبَدَّلُ لَهَا خَمْسَةٌ بَعْدَ ثَلَاثَةٍ مَضَتْ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي لِوُجُودِ شَرْطِ الْإِبْدَالِ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى بَعْدَهُ طُهْرٌ تَامٌّ، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ عَلَى مَا نُثْبِتُهُ فِي بَابِهِ فَيَتْرُكُ هَذِهِ الْخَمْسَةَ إلَى أَنْ يَنْظُرَ أَنَّ خَتْمَ الشَّهْرَيْنِ بِمَاذَا يَكُونُ فَيَأْخُذَ أَحَدَ عَشَرَ وَيَضْرِبَهُ فِيمَا يُقَارِبُ الشَّهْرَيْنِ وَذَلِكَ سِتَّةٌ فَيَكُونَ سِتَّةً وَسِتِّينَ فَلَمْ تَرَ مَرَّتَيْنِ عَلَى الْوَلَاءِ فَيَسْتَأْنِفَ لَهَا مِنْ مَوْضِعِ الرُّؤْيَةِ وَاسْتَقَامَ دَوْرُهَا فِي كُلٍّ سِتَّةٌ وَسِتِّينَ تَدَعُ خَمْسَةً وَتُصَلِّي ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ تَدَعُ خَمْسَةً بِحِسَابِ الْبَدَلِ ثُمَّ تُصَلِّي ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ، وَهَذَا دَأْبُهَا، وَإِنْ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ بَعْدَ شُهُورٍ اسْتِمْرَارًا مُتَّصِلًا فَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَيْدَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: حَيْضُهَا فِي أَيَّامِ الِاسْتِمْرَارِ خَمْسَةٌ وَطُهْرُهَا بَقِيَّةُ الشَّهْرِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ تُصَلِّي فِي ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ لَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ طُهْرًا صَحِيحًا يَصْلُحُ لِنَصْبِ الْعَادَةِ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ الضَّرُورَةُ بِاتِّصَالِ الِاسْتِمْرَارِ عَادَتْ إلَى مَا هُوَ الْأَصْلُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَاقِي الشَّهْرِ بَعْدَ أَيَّامِ عَادَتِهَا فِي الْحَيْضِ طُهْرًا لَهَا، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَكَانَ أَبُو عُثْمَانَ يَقُولُ: حَيْضُهَا عَشَرَةٌ فِي زَمَانِ الِاسْتِمْرَارِ، وَطُهْرُهَا عِشْرُونَ؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ لَمَّا فَسَدَ فَسَدَ الدَّمُ أَيْضًا، وَإِنَّمَا كُنَّا لَا نَجْعَلُ الْعَشَرَةَ حَيْضًا؛ لِأَنَّ خَتْمَهَا بِالطُّهْرِ وَقَدْ

الصفحة 172