كتاب المبسوط للسرخسي (اسم الجزء: 5)

ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ مَهْرٍ، وَفِي الْأَصْلِ لَهُنَّ أَرْبَعَةُ أَصْدِقَةٍ، فَإِذَا نَقَصَتْ مِنْ ذَلِكَ مَرَّةً نِصْفَ صَدَاقٍ وَمَرَّةً ثَلَاثَةَ أَثْمَانِ صَدَاقٍ بَقِيَ ثَلَاثَةُ أَصْدِقَةٍ وَثُمُنُ صَدَاقٍ، وَحَالُهُنَّ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، فَيُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ أَرْبَاعًا، وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَلِلطَّائِفِيَّةِ رُبُعُ مِيرَاثِ النِّسَاءِ ثُمُنًا كَانَ أَوْ رُبُعًا؛ لِأَنَّهَا إحْدَى نِسَائِهِ بِيَقِينٍ وَلِلْمَكِّيَّةِ رُبْعُ مَا بَقِيَ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مِيرَاثِ النِّسَاءِ لَا يُزَاحِمُهَا فِيهِ إلَّا ثَلَاثٌ مِنْ الْكُوفِيَّاتِ وَحَالُهُنَّ فِيهِ سَوَاءٌ فَلَهَا رُبْعُ ذَلِكَ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْكُوفِيَّاتِ بِالسَّوِيَّةِ لِاسْتِوَاءِ حَالِهِنَّ فِي ذَلِكَ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، أَمَّا فِي حَقِّ الطَّائِفِيَّةِ فَلِلتَّيَقُّنِ بِانْتِهَاءِ نِكَاحِهَا بِالْمَوْتِ، وَفِي حَقِّ الْبَوَاقِي لِاحْتِمَالِ ذَلِكَ وَالْعِدَّةُ يُحْتَاطُ لِإِيجَابِهَا.
(قَالَ:) وَلَوْ كَانَ بَعْدَ مَا تَزَوَّجَ الطَّائِفِيَّةَ طَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ ثُمَّ مَاتَ فَنَقُولُ: أَمَّا بَيَانُ حُكْمِ الْمَهْرِ أَنَّ لِلطَّائِفِيَّةِ هُنَا سَبْعَةَ أَثْمَانِ مَهْرِهَا؛ لِأَنَّهُ طَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ بَعْدَ مَا تَزَوَّجَهَا فَانْتَقَصَ بِهِ نِصْفُ صَدَاقٍ، وَإِنَّمَا يُصِيبُهَا مِنْ ذَلِكَ النُّقْصَانِ الرُّبْعُ فَبَقِيَ لَهَا سَبْعَةُ أَثْمَانِ صَدَاقٍ، وَلِلْمَكِّيَّةِ سِتَّةُ أَثْمَانِ مَهْرٍ وَرُبُعُ ثُمُنِ مَهْرٍ؛ لِأَنَّ مِنْ النُّقْصَانِ الْحَاصِلِ بِالتَّطْلِيقَةِ الْأَخِيرَةِ إنَّمَا يُصِيبُهَا رُبُعُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ نِصْفِ صَدَاقٍ، فَإِنَّ هَذَا النُّقْصَانَ يَدُورُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ثَلَاثٍ مِنْ الْكُوفِيَّاتِ، وَرُبُعُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ النِّصْفِ يَكُونُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ ثُمُنِ الصَّدَاقِ فَقَدْ أَصَابَهَا بِالتَّطْلِيقَةِ الثَّانِيَةِ نُقْصَانُ ثُمُنِ صَدَاقٍ كَمَا قُلْنَا وَبِالتَّطْلِيقَةِ الثَّالِثَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ ثُمُنٍ فَبَقِيَ لَهَا سِتَّةُ أَثْمَانٍ وَرُبُعُ ثُمُنٍ، فَإِذَا جَمَعْتَ ذَلِكَ كَانَ مَهْرًا وَثُمُنَ مَهْرٍ وَرُبُعَ ثُمُنِ مَهْرِ صَدَاقٍ وَلِلْكُوفِيَّاتِ مَهْرَانِ وَسِتَّةُ أَثْمَانٍ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ ثُمُنِ صَدَاقٍ لِأَنَّهُ انْتَقَصَ مِنْ مُهُورِهِنَّ بِالطَّلَاقِ الْأَوَّلِ نِصْفُ صَدَاقٍ وَبِالطَّلَاقِ الثَّانِي ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ صَدَاقٍ وَبِالطَّلَاقِ الثَّالِثِ ثُمُنَانِ وَرُبُعُ ثُمُنٍ، فَإِذَا جَمَعْتَ ذَلِكَ كَانَ مَهْرًا وَثُمُنَ مَهْرٍ وَرُبُعَ ثُمُنِ مَهْرٍ، فَإِذَا نَقَصْتَ ذَلِكَ مِنْ أَرْبَعَةِ مُهُورٍ بَقِيَ مَهْرَانِ وَسِتَّةُ أَثْمَانٍ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ ثُمُنٍ، وَفِي حُكْمِ الْمِيرَاثِ وَالْعِدَّةِ هَذَا وَالْأَوَّلُ فِي التَّخْرِيجِ سَوَاءٌ.

(قَالَ:) وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي عُقْدَةٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ وَثَلَاثًا فِي عُقْدَةٍ، وَلَا يَعْلَمُ أَيَّتَهنَّ الْأُولَى، فَأَمَّا الْوَاحِدَةُ فَنِكَاحُهَا صَحِيحٌ بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْعَقْدَيْنِ الْأَخِيرِينَ أَحَدُهُمَا وَنِكَاحُ الْوَاحِدَةِ صَحِيحٌ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي الثَّلَاثِ وَالثِّنْتَيْنِ أَيَّتُهُنَّ قَالَ هِيَ الْأُولَى؛ لِأَنَّ نِكَاحَ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ صَحِيحٌ وَهُوَ السَّابِقُ وَالزَّوْجُ هُوَ الَّذِي يَعْرِفُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بَاشَرَ الْعُقُودَ فَيَعْرِفُ السَّابِقَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِ وَلِأَنَّهُ صَاحِبُ مِلْكٍ فَإِلَيْهِ بَيَانُ مَحَلِّ مِلْكِهِ، وَلِأَنَّ حُقُوقَ النِّكَاحِ تَجِبُ عَلَيْهِ فَإِلَيْهِ بَيَانُ مَنْ يَسْتَوْجِبُ الْحَقَّ عَلَيْهِ، وَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ مَاتَ وَالزَّوْجُ حَيٌّ فَقَالَ هِيَ الْأُولَى وَرِثَهُنَّ وَأَعْطَى مُهُورَهُنَّ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَاخِرِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْبَيَانِ الثَّابِتِ لَهُ لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِهِنَّ

الصفحة 162