كتاب المبسوط للسرخسي (اسم الجزء: 6)

وَإِنْ لَمْ تُثْمِرْ، فَلَا شَيْءَ لَهُ، فَهَذَا مِثْلُهُ.
وَجْهُ قَوْلِهِ الْآخَرِ أَنَّهَا تَلْتَزِمُ بَدَلَ الْخُلْعِ عِوَضًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمُقَابَلَتِهِ مَا هُوَ مُتَقَوِّمٌ، وَالثِّمَارُ الْمَعْدُومَةَ لَا تَصْلُحُ عِوَضًا فِي شَيْءٍ مِنْ الْعُقُودِ، فَيَبْقَى مُجَرَّدَ تَسْمِيَةِ مَا هُوَ مُتَقَوِّمٌ بِهِ، وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْغُرُورِ مِنْهَا، وَذَلِكَ يُثْبِتُ حَقَّ الرُّجُوعِ بِمَا أَعْطَاهَا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْغُرُورَ ثَابِتٌ هُنَا مَعْنًى لَمَّا تَعَذَّرَ تَسْلِيمُ الْمُسَمَّى لَهُ شَرْعًا، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ وُجِدَ الْغُرُورُ مِنْهَا صُورَةً؛ بِأَنْ سَمَّتْ الْمَتَاعَ الَّذِي فِي يَدِهَا، وَلَيْسَ فِي يَدِهَا مَتَاعٌ فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَا أَعْطَاهَا.

(قَالَ): وَإِنْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِمَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهَا أَوْ عَلَى مَا فِي بُطُونِ غَنَمِهَا، فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَهُ مَا فِي بُطُونِهَا بِخِلَافِ الصَّدَاقِ، فَإِنَّ فِي مَسْأَلَتِهِ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ لَهَا؛ لِأَنَّ مَا فِي الْبَطْنِ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ فِي الْحَالِ، وَلَكِنْ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ هُوَ مَالٌ بَعْدَ الِانْفِصَالِ إلَّا أَنَّ أَحَدَ الْعِوَضَيْنِ فِي بَابِ النِّكَاحِ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ، فَكَذَلِكَ الْعِوَضُ الْآخَرُ، وَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ التَّسْمِيَةِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَا بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْإِضَافَةِ، أَوْ التَّعْلِيقِ بِالِانْفِصَالِ، فَكَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَأَمَّا فِي الْخُلْعِ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ، وَهُوَ الطَّلَاقُ يَحْتَمِلُ الْإِضَافَةَ وَالتَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ، فَكَذَلِكَ الْعِوَضُ الْآخَرُ، وَأَمْكَنَ تَصْحِيحُ تَسْمِيَةِ مَا فِي الْبَطْنِ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ، وَهُوَ مَا بَعْدَ الِانْفِصَالِ، وَإِذَا صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ، فَلَهُ الْمُسَمَّى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بُطُونِهَا شَيْءٌ، فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهَا مَا غَرَّتْهُ، فَمَا فِي الْبَطْنِ قَدْ يَكُونُ مَالًا مُتَقَوِّمًا، وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ رِيحٍ، أَوْ وَلَدٍ مَيِّتٍ، وَالرُّجُوعُ عَلَيْهَا بِمَا أَعْطَى بِحُكْمِ الْغُرُورِ، وَمَا وُجِدَ فِي بُطُونِهَا بَعْدَ الْخُلْعِ، فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهَا سَمَّتْ الْمَوْجُودَ فِي الْبَطْنِ عِنْدَ الْخُلْعِ، فَلَا يَتَنَاوَلُ مَا يَحْدُثُ بَعْدَ ذَلِكَ، بَلْ الْحَادِثُ نَمَاءُ مِلْكِهَا فَيَكُونُ لَهَا. .

(قَالَ): وَإِنْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِحُكْمِهِ، أَوْ بِحُكْمِهَا، أَوْ بِحُكْمِ أَجْنَبِيٍّ، فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا فِي الصَّدَاقِ إلَّا أَنَّ هُنَاكَ الْمِعْيَارُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَهُنَا الْمِعْيَارُ مَا أَعْطَاهَا، فَإِنْ اخْتَلَعَتْ بِحُكْمِهِ، فَحَكَمَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِمِقْدَارِ مَا أَعْطَاهَا، أَوْ بِأَقَلَّ، فَذَلِكَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ مُسْقِطٌ بَعْضَ حَقِّهِ، وَإِنْ حَكَمَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهَا الزِّيَادَةُ إلَّا أَنْ تَرْضَى بِهِ، وَإِنْ كَانَ بِحُكْمِهَا، فَإِنْ حَكَمَتْ بِمَا أَعْطَاهَا الزَّوْجُ، أَوْ أَكْثَرَ جَازَ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهَا عَلَى نَفْسِهَا بِالْتِزَامِ الزِّيَادَةِ صَحِيحٌ، وَإِنْ حَكَمَتْ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ النُّقْصَانُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الزَّوْجُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا بِذَلِكَ عَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَ بِحُكْمِ أَجْنَبِيٍّ، فَلَهُ مَا أَعْطَاهَا؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إنْ حَكَمَ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ مُتَصَرِّفٌ عَلَى الزَّوْجِ بِإِسْقَاطِ بَعْضِ حَقِّهِ، وَإِنْ حَكَمَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ مُتَصَرِّفٌ عَلَيْهَا بِإِلْزَامِ الزِّيَادَةِ، فَلَا يَنْفُذُ بِدُونِ رِضَاهَا.

(قَالَ): وَإِنْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ عَلَى خَادِمٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا، فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَهُ خَادِمٌ وَسَطٌ، أَوْ قِيمَتُهُ، أَيُّهُمَا أَتَتْ بِهِ أُجْبِرَ عَلَى الْقَبُولِ كَمَا فِي الصَّدَاقِ.

(قَالَ): وَإِنْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِمَا

الصفحة 188