كتاب المبسوط للسرخسي (اسم الجزء: 15)

مِمَّا أَخَذَهُ بِقَدِيمِ مِلْكِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِاعْتِبَارِهِ عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ وَثُلُثُهُ مِمَّا أَخَذَهُ صَاحِبُهُ بِالْمُعَاوَضَةِ فَيَرْجِعُ بِعِوَضِهِ عَلَى صَاحِبِهِ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَقْفِزَةٍ مِنْ الْحِنْطَةِ الرَّدِيئَةِ وَثُلُثُهُ مِمَّا أَخَذَهُ بِالْمُقَاسَمَةِ فَيَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ ذَلِكَ قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْ الشَّعِيرِ الْجَيِّدِ، وَذَلِكَ قَفِيزَانِ وَنِصْفٌ وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ مَا بَيَّنَّا أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ لَا يُجْعَلُ شَيْءٌ مِنْهُ مِنْ الْمَأْخُوذِ بِالْمُقَاسَمَةِ لِإِبْقَاءِ مَعْنَى التَّمْيِيزِ وَإِنَّمَا يُجْعَلُ نِصْفُهُ مِنْ الْمَأْخُوذِ بِقَدِيمِ مِلْكِهِ وَنِصْفُهُ مِنْ الْمَأْخُوذِ بِالْمُعَاوَضَةِ فَيَرْجِعُ بِعِوَضِ ذَلِكَ عَلَى صَاحِبِهِ، وَذَلِكَ سَبْعَةُ أَقْفِزَةٍ وَنِصْفٌ مِنْ الطَّعَامِ الرَّدِيءِ وَرُبْعُ الثَّلَاثِينَ قَفِيزًا يَكُونُ سَبْعَةَ أَقْفِزَةٍ وَنِصْفًا؛ فَلِهَذَا قَالَ: يَرْجِعُ بِرُبْعِ الْمَخَاتِيمِ حِنْطَةً.

وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ نِصْفَيْنِ فَاقْتَسَمَاهَا وَأَخَذَ أَحَدُهُمَا النِّصْفَ الْمُقَدَّمَ وَقِيمَتُهُ سِتُّمِائَةٍ وَأَخَذَ الْآخَرُ النِّصْفَ الْمُؤَخَّرَ وَقِيمَتُهُ أَرْبَعُمِائَةٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ النِّصْفِ الْمُقَدَّمِ مِائَةَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا أَصَابَهُ، ثُمَّ اسْتَحَقَّ نِصْفَ النِّصْفِ الْمُقَدَّمِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِحِصَّةِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ وَأَنْفَذَ الْبَيْعَ فِي الْبَقِيَّةِ فَإِنَّ صَاحِبَ الْمُقَدَّمِ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِ الْمُؤَخَّرِ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا خَمْسُونَ مِنْهَا نِصْفُ الْمِائَةِ الَّتِي نَقَدَهُ وَمِائَةٌ مِنْهُمَا رُبْعُ قِيمَةِ النِّصْفِ الْمُؤَخَّرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَحَقَّ جَمِيعَ الْمُقَدَّمِ رَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِالْمِائَةِ الَّتِي أَعْطَاهَا وَبِقِيمَةِ نِصْفِ النِّصْفِ الْمُؤَخَّرِ، وَذَلِكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَإِذَا اسْتَحَقَّ نِصْفَ ذَلِكَ يَرْجِعُ بِنِصْفِ الثَّلَثمِائَةِ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَهَذَا؛ لِأَنَّ فِي حِصَّةِ الْمِائَةِ كَانَ هُوَ مُشْتَرِيًا وَقَدْ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْمَبِيعِ فَيَرْجِعُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمَا مَا يُسَاوِي سَبْعَمِائَةٍ وَأَنَّ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ ذَلِكَ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ فَصَاحِبُ الْمُؤَخَّرِ أَخَذَ أَرْبَعَمِائَةٍ وَالسَّالِمُ لِصَاحِبِ الْمُقَدَّمِ مَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ بِالْمُقَاسَمَةِ فَيَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِرُبْعِ مَا أَخَذَ، وَذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَصِلُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ كَمَالُ حَقِّهِ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْمِائَةِ ثَوْبٌ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ رَجَعَ بِنِصْفِ الثَّوْبِ وَبِمِائَةِ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ مِمَّا أَخَذَهُ عِوَضًا عَنْ الثَّوْبِ نِصْفُهُ فَيَرْجِعُ بِعِوَضِهِ، وَذَلِكَ نِصْفُ الثَّوْبِ.

وَإِذَا كَانَتْ أَرْضٌ وَدَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَاقْتَسَمَاهُمَا فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا الدَّارَ وَالْآخَرُ الْأَرْضَ عَلَى أَنْ يَرُدَّ صَاحِبُ الْأَرْضِ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الدَّارِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الْأَرْضِ أَلْفَانِ وَقَبَضَهُ، ثُمَّ أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ بَاعَ الدَّارَ فَاسْتَحَقَّ إنْسَانٌ مِنْهَا عُلُوَّ بَيْتٍ يَكُونُ ذَلِكَ الْبَيْتُ وَالسُّفْلُ عُشْرُ الدَّارِ فَلَمَّا اسْتَحَقَّ الْعُلُوَّ ذَهَبَ نِصْفُ الْعُشْرِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِحِصَّةِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ وَأَمْسَكَ الْبَاقِيَ مِنْ الدَّارِ فَإِنَّ صَاحِبَ الدَّارِ يَرْجِعُ بِسِتَّةَ عَشَرَ وَأَرْبَعَ دَوَانِقَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ

الصفحة 48