كتاب المبسوط للسرخسي (اسم الجزء: 27)

نِصْفُهُ بَيْنَ الثَّالِثِ وَالْأَوْسَطِ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِلْأَوْسَطِ وَثُلُثُهُ لِلثَّالِثِ وَيَكُونُ النِّصْفُ الْبَاقِي لِلثَّالِثِ خَاصَّةً وَيَكُونُ حَقُّ الْمَقْضِيِّ لَهُ دَيْنًا فِي هَذَا النِّصْفِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْأَوَّلِ تَحَوَّلَ إلَى ذِمَّتِهِ فِي هَذَا النِّصْفِ فَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الثَّالِثِ فَعِنْدَ الْعَجْزِ اجْتَمَعَ فِي هَذَا النِّصْفِ دَيْنٌ وَجِنَايَةٌ فَيَدْفَعُ بِالْجِنَايَةِ، ثُمَّ يُبَاعُ بِالدَّيْنِ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ، فَقَدْ اجْتَمَعَ فِي هَذَا نِصْفٌ وَحَقُّ الْأَوْسَطِ فَيُدْفَعُ إلَيْهِمَا وَيَضْرِبُ فِيهِ الْأَوْسَطُ بِجَمِيعِ حَقِّهِ وَالثَّالِثُ بِنِصْفِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَصَلَ إلَيْهِ نِصْفُ حَقِّهِ فَلِهَذَا كَانَ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا.

مُكَاتَبٌ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً، ثُمَّ فَقَأَ عَيْنَ رَجُلٍ فَقَضَى لِلْمَفْقُوءَةِ عَيْنُهُ بِثُلُثِ الْقِيمَةِ عَلَيْهِ، ثُمَّ عَجَزَ قَالَ يُبَاعُ الثُّلُثُ فِي دَيْنِ الْمَفْقُوءَةِ عَيْنُهُ وَيَدْفَعُهُ الْمَوْلَى إلَى وَلِيِّ النَّفْسِ أَوْ يَفْدِيهِ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمَا كَانَ تَعَلَّقَ بِهِ أَثْلَاثًا، فَإِنَّ حَقَّ الْمَفْقُوءَةِ عَيْنُهُ فِي خَمْسَةِ آلَافٍ وَحَقَّ وَلِيِّ النَّفْسِ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِمَحَلِّ الدَّفْعِ كَانَ يَدْفَعُ إلَيْهِمَا أَثْلَاثًا فَكَذَلِكَ الْقِيمَةُ فِي الْمُكَاتَبِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، ثُمَّ الْمُحَوَّلُ، وَهُوَ الْقَضَاءُ وُجِدَ فِي حَقِّ الْمَفْقُوءَةِ عَيْنُهُ فَيَصِيرُ ثُلُثُ الْقِيمَةِ دَيْنًا لَهُ فِي مَالِيَّةِ ثُلُثِ الرَّقَبَةِ يُبَاعُ فِيهِ بَعْدَ الْعَجْزِ، وَالثُّلُثَانِ حَقُّ مَوْلَى النَّفْسِ وَلَمْ يُوجَدْ الْمُحَوَّلُ فِيهِ حَتَّى عَجَزَ فَيُخَاطَبُ الْمَوْلَى بِأَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ ثُلُثَيْهِ أَوْ يَفْدِيَهُ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ، فَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ حَتَّى قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً، ثُمَّ عَجَزَ فَاخْتَارَ دَفْعَهُ، فَأَمَّا الْمَقْضِيِّ لَهُ فَلَهُ ثُلُثُ الْقِيمَةِ دَيْنًا فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ، وَقَدْ تَعَلَّقَ حَقُّ وَلِيِّ الثَّالِثِ بِذَلِكَ الثُّلُثِ فَاجْتَمَعَ فِي ذَلِكَ الثُّلُثِ دَيْنٌ وَجِنَايَةٌ فَيَدْفَعُ فِي الْجِنَايَةِ، ثُمَّ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ، وَأَمَّا الثُّلُثَانِ، فَقَدْ اجْتَمَعَ فِيهِمَا حَقُّ وَلِيِّ الْأَوَّلِ وَحَقُّ وَلِيِّ الْآخَرِ وَلَمْ يُوجَدْ الْمُحَوَّلُ فِي حَقِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيَدْفَعُ إلَيْهِمَا، ثُمَّ يَضْرِبُ فِيهِ الْأَوَّلُ بِالدِّيَةِ وَالْآخَرُ بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَصَلَ إلَيْهِ ثُلُثُ حَقِّهِ، فَإِنَّمَا يُقْسَمُ ثُلُثَا الرَّقَبَةِ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا.

وَلَوْ جَنَى الْمُكَاتَبُ جِنَايَتَيْنِ فَقَضَى لِأَحَدِهِمَا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ فَأَدَّاهَا إلَيْهِ الْمُكَاتَبُ، ثُمَّ قَضَى لِلْآخَرِ وَسَلَّمَ مَا اسْتَوْفَى لَا شَرِكَةَ لِلثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ فِيمَا قَبَضَ؛ لِأَنَّ حَقَّ أَحَدِهِمَا تَمَيَّزَ عَنْ حَقِّ الْآخَرِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ تَحَوَّلَ حَقُّ الْقِيمَةِ إلَى الْقِيمَةِ وَحَقُّ الْآخَرِ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ حَتَّى لَوْ عَجَزَ قَبْلَ الْقَضَاءِ يَدْفَعُ إلَيْهِ نِصْفَهُ فَلَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ مُشَارَكَةِ الْمُسْتَوْفِي فِيمَا اسْتَوْفَى، سَوَاءٌ مَاتَ الْمُكَاتَبُ أَوْ لَمْ يَمُتْ عَجَزَ أَوْ لَمْ يَعْجِزْ.

مُكَاتَبَةٌ قَتَلَتْ رَجُلًا خَطَأً، ثُمَّ فَقَأَتْ عَيْنَ آخَرَ، ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا فَقَضَى عَلَيْهَا لِلْمَفْقُوءَةِ عَيْنُهُ بِثُلُثِ قِيمَتِهَا، ثُمَّ عَجَزَتْ، فَإِنَّ حَقَّ وَلِيِّ النَّفْسِ فِي ثُلُثَيْ رَقَبَةِ الْأُمِّ يَدْفَعُ أَوْ يَفْدِي؛ لِأَنَّ الْمُحَوَّلَ، وَهُوَ الْقَضَاءُ لَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّهِ وَيُبَاعُ الثُّلُثُ فِي دَيْنِ الْمَقْضِيِّ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفِ الثُّلُثُ بِحَقِّهِ بِيعَ ثُلُثُ الْوَلَدِ فِيهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْغَرِيمِ حَقٌّ قَوِيٌّ فِي الْأُمِّ فَيَسْرِي إلَى الْوَلَدِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ أَمَةً مَدْيُونَةً لَوْ وَلَدَتْ بِيعَ وَلَدُهَا مَعَهَا فِي

الصفحة 106