كتاب المبسوط للسرخسي (اسم الجزء: 27)

لِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ سِتَّةٌ نِصْفُ الْعَبْدِ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مِنْ الْعَبْدِ سَهْمَانِ، وَهُوَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنْهُ وَسُدُسُ جَمِيعِ الْعَبْدِ وَلَهُ مِنْ الْأَلْفَيْنِ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَهُوَ السُّدُسُ فَاسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ عَلَى هَذَا الطَّرِيقِ، ثُمَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَأَيُّ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ قُلْت فَهُوَ حَسَنٌ، وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ بَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ فِي الْمَعْنَى تَفَاوُتًا وَبِهَذَا اللَّفْظِ يَسْتَدِلُّ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمُوا؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ طَرِيقٌ حَسَنٌ فِي التَّخْرِيجِ عِنْدَ أَهْلِ الْحِسَابِ لَا أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ مُصِيبًا لِلْحُكْمِ بِاجْتِهَادِهِ حَقِيقَةً.

وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ وَبِجَمِيعِ الْمَالِ لِآخَرَ، فَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا، وَإِنْ أَجَازُوا فَجَمِيعُ الْمَالِ بَيْنَهُمَا أَسْدَاسًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى مَا رَوَاهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ بِاعْتِبَارِ طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ؛ لِأَنَّهُ يَسْلَمُ الثُّلُثَانِ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ، وَقَدْ اسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فِي الثُّلُثِ فَكَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَحَصَلَ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْمَالِ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ سُدُسُ الْمَالِ، وَعِنْدَهُمَا الْقِسْمَةُ بِطَرِيقِ الْعَوْلِ فَلِصَاحِبِ الْجَمِيعِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ رُبُعُ الْمَالِ قَالَ الْحَسَنُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ لَا كَمَا رَوَى أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ؛ لِأَنَّهُ يَبْدَأُ بِقِسْمَةِ الثُّلُثِ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ اسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فِيهِ فَكَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، ثُمَّ يَأْتِي إلَى الثَّلَاثِينَ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ حَقِّ صَاحِبِ الثُّلُثِ السُّدُسُ فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ نِصْفُ الْمَالِ يُسَلَّمُ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ، وَفِي مِقْدَارِ السُّدُسِ اسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فَكَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَحَصَلَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ مَرَّةً السُّدُسُ وَمَرَّةً نِصْفُ السُّدُسِ فَذَلِكَ رُبُعُ الْمَالِ وَالدَّلِيلُ عَلَى فَسَادِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ تَخْرِيجِ قَوْلِهِ أَنَّهُ يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى أَنْ يَكُونَ مَا يُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ عِنْدَ الْإِجَازَةِ وَعَدَمِ الْإِجَازَةِ سَوَاءٌ وَالْإِجَازَةُ كَمَا تُؤَثِّرُ فِي الزِّيَادَةِ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْجَمِيعِ فَكَذَلِكَ فِي حَقِّ صَاحِبِ الثُّلُثِ وَيُؤَدِّي ذَلِكَ أَيْضًا إلَى أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ صَاحِبِ الْقَلِيلِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ فَوْقَ نَصِيبِهِ عِنْدَ الْإِجَازَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِأَحَدِهِمَا بِجَمِيعِ مَالِهِ وَلِلْآخَرِ بِسُدُسِ مَالِهِ فَعِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ الثُّلُثُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَيُصِيبُ صَاحِبُ الثُّلُثِ تُسْعَ الْمَالِ، وَعِنْدَ وُجُودِ الْإِجَازَةِ يَأْخُذُ صَاحِبُ الْجَمِيعِ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْمَالِ بِلَا مُنَازَعَةٍ، ثُمَّ السُّدُسُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَنَصِيبُهُ نِصْفُ سُدُسِ الْمَالِ وَذَلِكَ دُونَ تُسْعِ الْمَالِ، وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يُسَلَّمَ لَهُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ أَكْثَرُ مِمَّا يُسَلَّمُ لَهُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ فَظَهَرَ أَنَّ تَخْرِيجَ الْحَسَنِ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَصَحُّ.

وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِنِصْفِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ فَأَجَازَ ذَلِكَ

الصفحة 168