كتاب المبسوط للسرخسي (اسم الجزء: 27)
أَصَابَتْ فِي فَوْرِهَا ذَلِكَ فَضَمَانُ ذَلِكَ عَلَى النَّاخِسِ لِأَنَّ حُكْمَ قَوَدِهِ قَدْ انْقَطَعَ وَصَارَ النَّاخِسُ جَانِيًا فَضَمَانُ ذَلِكَ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَإِنْ كَانَ النَّاخِسُ عَبْدًا فَجِنَايَةُ الدَّابَّةِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ يُدْفَعُ بِهَا أَوْ يَفْدِي لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ جِنَايَتِهِ بِيَدِهِ.
وَإِنْ كَانَ النَّاخِسُ صَبِيًّا فَهُوَ كَالرَّجُلِ فِي أَنَّ ضَمَانَ الدِّيَةِ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ.
وَإِنْ مَرَّتْ الدَّابَّةُ بِشَيْءٍ نُصِبَ فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ فَنَخَسَهَا ذَلِكَ الشَّيْءُ فَنَفَحَتْ إنْسَانًا فَقَتَلَتْهُ فَهُوَ عَلَى الَّذِي نَصَبَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي نَصْبِ ذَلِكَ الشَّيْءَ فِي الطَّرِيقِ فَكَانَ نَخْسُ ذَلِكَ الشَّيْءِ لِلدَّابَّةِ بِمَنْزِلَةِ نَخْسِ الَّذِي نَصَبَهُ.
وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ يَسِيرُ فِي الطَّرِيقِ فَأَمَرَ عَبْدًا لِغَيْرِهِ فَنَخَسَ دَابَّتَهُ فَنَفَحَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ فِعْلَ الْمَأْمُورِ كَفِعْلِ الْآمِرِ عَبْدًا كَانَ الْمَأْمُورُ أَوْ حُرًّا فَإِنْ وَطِئَتْ فِي فَوْرِهَا ذَلِكَ إنْسَانًا فَقَتَلَتْهُ فَعَلَى عَاقِلَةِ الرَّاكِبِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي عُنُقِ الْعَبْدِ نِصْفُ الدِّيَةِ يَدْفَعُهَا مَوْلَاهُ أَوْ يَفْدِيهِ بِمَنْزِلَةِ السَّائِقِ مَعَ الرَّاكِبِ إلَّا أَنَّ الْمَوْلَى يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَمِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ صَارَ لِلْعَبْدِ غَاصِبًا بِاسْتِعْمَالِهِ إيَّاهُ فِي نَخْسِ الدَّابَّةِ فَإِذَا لَحِقَهُ ضَمَانٌ بِذَلِكَ السَّبَبِ كَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمُسْتَعْمِلِ لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَمَرَهُ بِالسَّوْقِ أَوْ بِقَوْدِ الدَّابَّةِ.
وَلَوْ كَانَ الرَّاكِبُ عَبْدًا فَأَمَرَ عَبْدًا آخَرَ فَسَاقَ دَابَّتَهُ فَأَوْطَأَتْ إنْسَانًا فَقَتَلَتْهُ فَالدِّيَةُ فِي أَعْنَاقِهِمَا نِصْفَيْنِ يُدْفَعَانِ بِهَا أَوْ يَفْدِيَانِ بِمَنْزِلَةِ السَّائِقِ مَعَ الرَّاكِبِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّاكِبِ لِمَوْلَى الْعَبْدِ الْمَأْمُورِ إذَا كَانَ الرَّاكِبُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ حَتَّى يُعْتَقَ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ هَذَا الضَّمَانِ اسْتِعْمَالُهُ إيَّاهُ بِالْقَوْلِ وَالْمَحْجُورُ لَا يُؤَاخَذُ بِضَمَانِ الْقَوْلِ حَتَّى يُعْتَقَ وَإِذَا عَتَقَ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْمَأْمُورِ وَإِنْ كَانَ تَاجِرًا أَوْ مُكَاتَبًا فَهُوَ دَيْنٌ فِي عُنُقِهِ لِأَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِضَمَانِ الْقَوْلِ فَكَذَلِكَ السَّائِقُ فِي الْحَالِ
وَإِذَا أَقَادَ الرَّجُلُ قِطَارًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَمَا وَطِئَ أَوَّلُ الْقِطَارِ وَآخِرُهُ فَالْقَائِدُ ضَامِنٌ لَهُ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ سَائِقٌ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْقَائِدَ مُقَرِّبٌ مَا أَصَابَ بِالصَّدْمَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ السَّائِقُ مُقَرِّبٌ مِنْ ذَلِكَ وَمُشْتَرِكَانِ فِي الضَّمَانِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي السَّبَبِ وَهَذَا لِأَنَّ السَّوْقَ وَالْقَوْدَ فِي الطَّرِيقِ مُبَاحٌ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ بِمَنْزِلَةِ الرُّكُوبِ فَكَمَا أَنَّ الرَّاكِبَ يُجْعَلُ ضَامِنًا بِمَا تَلِفَ بِسَبَبٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَكَذَلِكَ السَّائِقُ وَالْقَائِدُ وَالْمَعْنَى فِي الْكُلِّ أَنَّ الدَّابَّةَ فِي يَدِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُتَحَرَّزَ عَمَّا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فِي صَرْفِ الدَّابَّةِ بِسَوْقِهِ أَوْ بِقَوْدِهِ وَإِنْ كَانَ مَعَهَا سَائِقٌ لِلْإِبِلِ وَسَطَ الْقِطَارِ فَالضَّمَانُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا لِأَنَّ الَّذِي هُوَ فِي وَسَطِ الْقِطَارِ سَائِقٌ لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَحَرَّزَ عَمَّا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ مِنْ الْإِبِلِ قَائِدًا لِمَا خَلْفَهُ وَالسَّائِقُ وَالْقَائِدُ فِي حُكْمِ الضَّمَانِ سَوَاءٌ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ يَكُونُ أَحْيَانَا وَسَطَهَا وَأَحْيَانَا يَتَقَدَّمُ
الصفحة 3
192