كتاب المبسوط للسرخسي (اسم الجزء: 27)

وَهَذَا الْجُزْءُ الْفَائِتُ فِي حَقِّهِ وَلَكِنَّهُ مَا لَمْ يُؤَدِّ قِيمَتَهَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِ هَذَا الْجُزْءِ فَيُتْرَكُ فِي يَدِ الْمَوْلَى حَتَّى إذَا خَرَجَتْ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ أَخَذَهَا الْمَوْلَى فَيَدْفَعُهَا إلَى وَلِيِّ قَتِيلِهَا ثُمَّ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ ثُمَّ يُقَالُ لِلْمَوْلَى: ادْفَعْ هَذَا الْجُزْءَ إلَى الْغَاصِبِ أَوْ افْدِهِ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ فَإِنْ دَفَعَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْغُلَامِ فَيَدْفَعُ مِنْهَا إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا بَدَلَ مَا لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ مِنْ الْعَبْدِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ وَإِنْ فَدَاهُ فَإِنَّمَا يَفْدِيه بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْغُلَامِ عَلَى الْغَاصِبِ وَالْقِيمَتَانِ سَوَاءٌ فَيَكُونُ أَحَدُهُمَا قِصَاصًا بِالْأُخْرَى وَيَدْفَعُ مَكَانَ ذَلِكَ الْجُزْءِ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ بِطَرِيقِ الْمُقَاصَّةِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا لِقِيمَتِهِ كَأَنَّهُ اسْتَوْفَاهُ حَقِيقَةً ثُمَّ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ كَانَ بِجِنَايَةِ الْعَبْدِ عِنْدَ الْغَاصِبِ.
وَإِنْ قَالَ وَلِيُّ قَتِيلِ الْجَارِيَةِ: أَنَا أَضْرِبُ فِي الْغُلَامِ بِقِيمَتِهَا دَفَعَ إلَيْهِمَا فَيَضْرِبُ فِيهِ وَلِيُّ قَتِيلِ الْجَارِيَةِ بِقِيمَتِهَا وَوَلِيُّ قَتِيلِ الْغُلَامِ بِالدِّيَةِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَحَدَ عَشَرَ كَمَا بَيَّنَّا فَإِنْ قَدَرَ الْغَاصِبُ أَوْ أَيْسَرَ أَدَّى إلَى الْمَوْلَى قِيمَةَ الْجَارِيَةِ لِانْعِدَامِ الرَّدِّ فِي الْجَارِيَةِ أَصْلًا وَلِانْعِدَامِ سَلَامَةِ الرَّدِّ فِي الْغُلَامِ فَيَدْفَعُ مِنْ قِيمَةِ الْغُلَامِ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَتِهِ بَدَلَ مَا لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ مِنْ الْعَبْدِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ وَقَالَ: وَلَيْسَ لِوَلِيِّ قَتِيلِ الْجَارِيَةِ إلَّا مَا أَصَابَهُ مِنْ الْغُلَامِ وَلَا يُعْطَى مِنْ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ شَيْءٌ وَقَدْ ذُكِرَ قَبْلَ هَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْقَصِيرَةِ أَنَّهُ يُعْطَى مِنْ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ إلَى أَوْلِيَاءِ قَتِيلِهَا تَمَامُ قِيمَتِهَا فَفِي هَذَا الْجَوَابِ رِوَايَتَانِ وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ تِلْكَ الرِّوَايَةِ أَنَّ حَقَّهُمْ كَانَ ثَابِتًا فِي جَمِيعِهَا فَيُعْطُونَ مِنْ بَدَلِهَا كَمَالُ حَقِّهِمْ وَجْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ مَا اسْتَوْفَى وَلِيُّ قَتِيلِ الْجَارِيَةِ مِنْ الْعَبْدِ كَانَ بِمُقَابَلَةِ الْجَارِيَةِ فَيَكُونُ اسْتِيفَاؤُهُ ذَلِكَ الْجُزْءَ بِمَنْزِلَةِ اسْتِيفَائِهِ جَمِيعَ قِيمَتِهَا فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِشَيْءٍ آخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَذَا لِأَنَّهُ كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَإِذَا اخْتَارَ أَحَدَهُمَا يُعَيَّنُ ذَلِكَ لَهُ وَلَا يَبْقَى لَهُ فِي الْمَحَلِّ الْآخَرِ حَقٌّ كَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ إذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي وَإِنْ اخْتَارَ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ فَدَاهُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ وَبِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الْغُلَامِ وَبِقِيمَتَيْنِ فِي الْجَارِيَةِ قِيمَةٌ مَكَانَ الْقِيمَةِ الَّتِي أَدَّاهَا إلَى أَوْلِيَاءِ جِنَايَتِهَا وَقِيمَةٌ أُخْرَى بِالْغَصْبِ لِيُسَلَّمَ لَهُ مَكَانَ الْجَارِيَةِ.
وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمَا إذَا أَدَّى الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْغُلَامِ وَقِيمَةَ الْجَارِيَةِ صَارَ كَأَنَّ الْجَارِيَةَ كَانَتْ لَهُ لِتَقَرُّرِ ضَمَانِهَا عَلَيْهِ فَيُقَالُ لِلْمَوْلَى: ادْفَعْ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْعَبْدِ إلَيْهِ أَوْ افْدِهِ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَأَيُّ ذَلِكَ فَعَلَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ حُكْمِ الْمُقَاصَّةِ فِيمَا يَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى.

الصفحة 59