كتاب المبسوط للسرخسي (اسم الجزء: 27)

ثُمَّ أَدَّيَا فَعَتَقَا وَالْمَوْلَيَانِ مُوسِرَانِ فَلِلَّذِي كَاتَبَ الْوَلَدَ أَنْ يَضْمَنَ الَّذِي كَاتَبَ الْأُمَّ نِصْفَ قِيمَتِهَا إنْ شَاءَ اسْتَسْعَاهَا وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَهَا؛ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ نَصِيبَ الشَّرِيكِ مِنْهَا بِمَا صَنَعَ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الشَّرِيكِ دَلَالَةُ الرِّضَاءِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ كِتَابَةَ الْوَلَدِ لَا تَكُونُ رِضًى مِنْهُ بِكِتَابَةِ الْأُمِّ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِلَّذِي كَاتَبَ الْأُمَّ عَلَى شَرِيكِهِ فِي الْوَلَدِ لِأَنَّ نَصِيبَ الَّذِي كَاتَبَ الْأُمَّ مِنْ الْوَلَدِ مَا أَفْسَدَ عَلَى شَرِيكِهِ نَصِيبَهُ مِنْ الْوَلَدِ وَجِنَايَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ عَلَى مَا وَصَفْت لَك فِي الْعَبْدِ وَأَبِيهِ مِنْ حُكْمِ الْمُقَاصَّةِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى نِصْفِ الْوَلَدِ الَّذِي كَاتَبَهُ الْمَوْلَى لَا يَبْطُلُ مِنْهَا شَيْءٌ بِالْكِتَابَةِ فَكَانَ وُجُودُ ذَلِكَ كَعَدَمِهِ فَلِهَذَا كَانَ قِصَاصًا وَلَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ.

قَالَ: وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَفَقَأَ عَيْنَ أَحَدِهِمَا وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ ثُمَّ إنَّ الَّذِي فُقِئَتْ عَيْنُهُ كَاتَبَ نَصِيبَهُ مِنْهُ ثُمَّ جَرَحَهُ جَرْحًا آخَرَ ثُمَّ أَدَّى فَعَتَقَ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى بِالْجِنَايَتَيْنِ فَنَقُولُ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْجِنَايَةِ: إنَّ عَلَى الْحَيِّ مِنْهُمَا أَنْ يَدْفَعَ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ إلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ بِجِنَايَتِهِ سَوَاءٌ اسْتَوْفَى الضَّمَانَ مِنْ شَرِكَةِ شَرِيكِهِ أَوْ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ أَوْ أَعْتَقَهُ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ جَنَى عَلَيْهِ جِنَايَتَيْنِ: أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْكِتَابَةِ وَالْآخَرُ بَعْدَهُ وَحُكْمُهُمَا سَوَاءٌ فِي حَقِّهِ وَهُوَ أَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلِكًا لِنَصِيبِهِ عَلَى وَجْهٍ لَمْ يَصِرْ مُخْتَارًا فَيَلْزَمُهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ وَعَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ وَمِنْ رُبْعِ الدِّيَةِ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ الَّذِي هُوَ نَصِيبُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ جَنَى جِنَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْكِتَابَةِ وَهِيَ هَدَرٌ وَالْأُخْرَى بَعْدَهَا وَهِيَ تُوجِبُ مُوجِبَهَا عَلَى الْمُكَاتَبِ بِمَنْزِلَةِ جِنَايَتِهِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ آخَرَ، فَلِهَذَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ وَمِنْ رُبْعِ الدِّيَةِ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ مِنْ قَبْلَ الْجِنَايَةِ.

قَالَ: وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَجَنَى عَلَى أَحَدِهِمَا فَفَقَأَ عَيْنَهُ أَوْ قَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ أَنَّ الْآخَرَ بَاعَ نِصْفَ نَصِيبِهِ مِنْ شَرِيكِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ ثُمَّ جَنَى عَلَيْهِ الْعَبْدُ أَيْضًا جِنَايَةً أُخْرَى ثُمَّ إنَّ الَّذِي بَاعَ رُبْعَهُ اشْتَرَى ذَلِكَ الرُّبْعَ ثُمَّ كَاتَبَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَلَى نَصِيبِهِ مِنْهُ ثُمَّ جَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً أُخْرَى ثُمَّ أَدَّى فَعَتَقَ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى مِنْ الْجِنَايَاتِ فَعَلَى الْمُكَاتِبِ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ وَمِنْ رُبْعِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ الَّذِي هُوَ مُكَاتَبٌ مِنْهُ جَنَى عَلَى مَوْلَاهُ ثَلَاثَ جِنَايَاتٍ: جِنَايَتَيْنِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ وَحُكْمُهُمَا سَوَاءٌ فِي أَنَّهُ هَدَرٌ وَجِنَايَةً بَعْدَ الْكِتَابَةِ وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ وَلِهَذَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ وَمِنْ رُبْعِ الدِّيَةِ وَعَلَى الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ سُدُسُ وَرُبْعُ سُدُسِ دِيَةِ صَاحِبِهِ وَالْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَمِنْ سُدُسِ وَرُبْعِ سُدُسِ الدِّيَةِ وَلَا يُؤَدَّى هَذَا النِّصْفُ حَتَّى يَعْتِقَ أَوْ يَسْتَسْعِيَ أَوْ يَضْمَنَ وَقَدْ بَطَلَ نِصْفُ سُدُسٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَرَى فِي نِصْفِ نَصِيبِهِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَلَمْ يَجُزْ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ

الصفحة 68