كتاب المبسوط للسرخسي (اسم الجزء: 28)

عَشَرَ جُزْءًا مِنْ رَقَبَتِهِ لِأَنَّ الْبَاقِيَ فِي الْحَاصِلِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ رَقَبَتَهُ خَاصَّةً فَيَضْرِبُ الْوَرَثَةُ بِحَقِّهِمْ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَالْمُدَبَّرُ بِحَقِّهِ ثَلَاثَةٌ فَتَكُونُ رَقَبَتُهُ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ، وَقَدْ مَاتَ كُلٌّ مِنْ الْآخَرَيْنِ مُسْتَوْفِيًا لِوَصِيَّتِهِ إذَا ضَمَمْت ذَلِكَ الْقَدْرَ إلَى مَا يُسَلَّمُ لِلْبَاقِي اسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ.

وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ خَمْسَةُ أَعْبُدٍ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْبَعُمِائَةٍ فَقَالَ فِي مَرَضِهِ أَحَدُكُمْ حُرٌّ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ وَقَعَ الْعِتْقُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِينَ لِأَنَّ الَّذِي مَاتَ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُزَاحِمًا لِلْبَاقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ الْمُتَّهَمَةِ بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِينَ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رُبْعُهُ، وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهِ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا لَمْ يُنْتَقَصْ مِنْ حَقِّ الْبَاقِينَ شَيْءٌ لِأَنَّ الَّذِي مَاتَ مُسْتَوْفٍ لِوَصِيَّتِهِ، وَتَوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ بَقِيَ ثَلَاثَةٌ فَإِنَّ بِوَصِيَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إذَا جَمَعْتهَا كَانَ دُونَ الثُّلُثِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ فَلِهَذَا لَا يُنْتَقَصُ حَقُّهُمْ بِمَا تَوَى مِنْ السِّعَايَةِ عَلَى الْمَيِّتِ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْبَاقِينَ أَيْضًا يَسْعَى الْبَاقِيَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الْمَيِّتَيْنِ قَدْ اسْتَوْفَيَا وَصِيَّتَهُمَا، وَتَوَى مَا عَلَيْهِمَا مِنْ السِّعَايَةِ، وَإِنَّمَا مَالُ الْمَيِّتِ رَقَبَةُ الْبَاقِينَ، وَهُمَا يَضْرِبَانِ بِحَقِّهِمَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَهْمٍ وَالْوَرَثَةُ بِحَقِّهِمْ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ فَإِنَّ الثُّلُثَ بَيْنَهُمْ عَلَى أَرْبَعَةٍ فَتَكُونُ السِّهَامُ عَشَرَةً، كُلُّ رَقَبَةٍ خَمْسَةٌ فَلِهَذَا يَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ قِيمَتِهِ.

وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ لِأَمَةٍ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ غُلَامًا فَهُوَ حُرٌّ، وَإِنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ جَارِيَةً فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةَ لَا تَدْرِي أَيَّهُمَا أَوَّلُ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ، وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَلَثُمِائَةٍ فَالِابْنَةُ رَقِيقٌ وَيَعْتِقُ الْغُلَامُ نِصْفُهُ مِنْ الثُّلُثِ، وَنِصْفُهُ بِعِتْقِ الْأُمِّ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِرِقِّ الِابْنَةِ كَمَالِ الشَّرْطِ ثُمَّ الْغُلَامُ يَعْتِقُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهَا إنْ وَلَدَتْ الْغُلَامَ أَوَّلًا فَالْغُلَامُ حُرٌّ، وَإِنْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةَ أَوَّلًا فَالْغُلَامُ حُرٌّ أَيْضًا تَبَعًا لِلْأُمِّ فَلِهَذَا يَعْتِقُ كُلُّهُ، وَالْجَارِيَةُ تَعْتِقُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ لِأَنَّهَا إنْ وَلَدَتْ الْغُلَامَ أَوَّلًا فَهِيَ أَمَةٌ، وَإِنْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةَ أَوَّلًا فَهِيَ حُرَّةٌ فَيَعْتِقُ نِصْفُهَا. طَعَنَ عِيسَى فِي هَذَا الْجَوَابِ، وَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَعْتِقَ شَيْءٌ مِنْ الْأُمِّ لِأَنَّهُ وَقَعَ الشَّكُّ فِي شَرْطِ عِتْقِهَا فَإِنَّ شَرْطَ عِتْقِهَا وِلَادَةُ الْجَارِيَةِ أَوَّلًا، وَهَذَا مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَمَا لَمْ يَقَعْ الشَّرْطُ لَا يُتْرَكُ شَيْءٌ مِنْ الْجُزْءِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ الْيَوْمَ فَعَبْدُهُ حُرٌّ فَمَضَى الْيَوْمُ، وَمَاتَ الْمَوْلَى وَلَا يَدْرِي أَدَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ لَمْ يَعْتِقْ الْعَبْدُ لِلشَّكِّ فِيمَا هُوَ شَرْطٌ. وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ، وَلَكِنَّا نَقُولُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ صَحِيحٌ فَإِنَّ شَرْطَ عِتْقِهَا وِلَادَةُ الْجَارِيَةِ، وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ كَوْنَ وِلَادَةِ الْغُلَامِ سَابِقًا مَانِعٌ، وَهَذَا الْمَانِعُ

الصفحة 182