كتاب المبسوط للسرخسي (اسم الجزء: 28)

فَاقْتَسَمُوا الْمَالَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمْ بِأَخٍ لِلْمَيِّتِ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَدَفَعَ إلَيْهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ ثُمَّ أَقَرَّ بِأَخٍ آخَرَ، وَصَدَّقَهُ فِيهِ أَحَدُ إخْوَتِهِ الْمَعْرُوفِينَ، وَتَكَاذَبَ الْمُقَرُّ بِهِمَا فِيمَا بَيْنَهُمَا فَإِذَا كَانَ دَفَعَ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ قَاضٍ أَخَذَ مِنْهُ الْآخَرُ خُمُسَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ فَضَمَّهُ إلَى الَّذِي أَقَرَّ بِهِ خَاصَّةً فَاقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ.
وَإِنْ كَانَ دَفَعَ النِّصْفَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ دَفَعَ إلَى الثَّانِي رُبْعَ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ يَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ فَاقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إنْ كَانَ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ قَاضٍ دَفَعَ إلَى الثَّانِي ثُلُثَ مَا فِي يَدَيْهِ. وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ أَخَذَ مِنْهُ الْآخَرُ خُمُسَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ فَضَمَّهُ إلَى الَّذِي أَقَرَّ بِهِ خَاصَّةً فَاقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ.
وَإِنْ كَانَ دَفَعَ النِّصْفَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ دَفَعَ إلَى الثَّانِي رُبْعَ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ فَضَمَّهُ إلَى مَا فِي يَدِهِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ فَاقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنْ كَانَ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ قَاضٍ دَفَعَ إلَى الثَّانِي ثُلُثَ مَا فِي يَدَيْهِ.
وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ دَفَعَ إلَى الثَّانِي خُمُسَ جَمِيعِ الْمَالِ فَضَمَّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ فَاقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ وَجْهُ تَخْرِيجِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُقِرَّ زَعَمَ أَنَّ حَقَّ الثَّانِي فِي خُمُسِ الْمَالِ إلَّا أَنَّ أَحَدَ إخْوَتِهِ الْمَعْرُوفَيْنِ كَذَّبَهُ، وَصَارَ هُوَ مَعَ مَا أَخَذَ كَالْمَعْدُومِ، وَإِنَّمَا نَعْتَبِرُ الْقِسْمَةَ بَيْنَ الْبَاقِيَيْنِ فَمِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ لِلثَّانِي إنَّمَا أَقْرَرْت بِأَنَّ لَك رُبْعَ مَا فِي أَيْدِينَا، وَاَلَّذِي فِي يَدِ الْمُصَدِّقِ بِك يَصِلُ إلَيْك مِنْ جِهَتِهِ، يَبْقَى حَقُّك فِيمَا فِي يَدِي فِي سَهْمٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَذَلِكَ رُبْعُ ثُلُثِ الْمَالِ، وَالْبَاقِي وَهُوَ ثَلَاثَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ نِصْفَانِ إلَّا أَنِّي دَفَعْت إلَى الْأَوَّلِ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَلَا يَكُونُ مَحْسُوبًا عَلَيَّ، وَإِنَّمَا يَبْقَى مَا فِي يَدِهِ فَأَنْتَ تَضْرِبُ بِسَهْمٍ، وَأَنَا بِسَهْمٍ وَنِصْفٍ فَانْكَسَرَ بِالْإِنْصَافِ فَأُضْعِفُهُ فَيَكُونُ لِي ثَلَاثَةٌ، وَلَك سَهْمَانِ، فَلِهَذَا يَأْخُذُ مِنْهُ خُمُسَيْ مَا فِي يَدِهِ.
وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَمَا دَفَعَ إلَيْهِ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ هُوَ مَحْسُوبٌ عَلَى الدَّافِعِ فَيَدْفَعُ إلَى الثَّانِي جَمِيعَ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ، وَذَلِكَ رُبْعُ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ ثُمَّ يَضُمُّ ذَلِكَ إلَى مَا فِي يَدِ الْمُصَدِّقِ بِهِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى أَنَّ حَقَّهُمَا فِي التَّرِكَةِ سَوَاءٌ، وَوَجْهُ تَخْرِيجِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمُقِرَّ يَقُولُ لِلْمُقَرِّ لَهُ حَقُّك فِي سَهْمٍ، وَلَكِنَّ نِصْفَ ذَلِكَ السَّهْمِ فِي يَدِي وَنِصْفَهُ فِي يَدِ الْمُصَدِّقِ لَك، وَهُوَ يَصِلُ إلَيْك مِنْ جِهَتِهِ فَأَنْتَ تَضْرِبُ فِيمَا فِي يَدِي بِنِصْفِ سَهْمٍ، وَأَنَا بِسَهْمٍ، وَالْمُقَرُّ لَهُ الْأَوَّلُ بِسَهْمٍ فَيَكُونُ الثُّلُثُ الَّذِي فِي يَدِي بَيْنَنَا أَخْمَاسًا لَك مِنْهُ الْخُمُسُ، فَإِنْ كَانَ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَبْقَى مَا فِي يَدِهِ يَضْرِبُ فِيهِ الثَّانِي بِسَهْمٍ، وَالْمُقِرُّ بِسَهْمَيْنِ فَلِهَذَا يَأْخُذُ ثُلُثَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ

الصفحة 192