كتاب المبسوط للسرخسي (اسم الجزء: 29)

بِسَبْعَةٍ وَاَلَّذِي عَفَا بِخَمْسَةٍ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ حُكْمَانِ حُكْمٌ بَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَبَيْنَ الْوَارِثَيْنِ وَحُكْمٌ فِيمَا بَيْنَ الْوَارِثَيْنِ. فَأَمَّا الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَالسَّبِيلُ أَنْ يُجْعَلَ الْعَبْدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ وَتُجِيزُ الْهِبَةَ فِي سَهْمٍ وَتُبْطِلُهَا فِي سَهْمَيْنِ، ثُمَّ يُدْفَعُ نِصْفُ ذَلِكَ السَّهْمِ بِالْجِنَايَةِ فَوَقَعَ فِيهِ كَسْرٌ فَضَعِّفْهُ فَيَصِيرُ سِتَّةً، ثُمَّ تُجِيزُ الْهِبَةَ فِي سَهْمَيْنِ وَتُبْطِلُهَا فِي أَرْبَعَةٍ، ثُمَّ تَدْفَعُ سَهْمًا وَاحِدًا بِالْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ عَفَا أَحَدُهُمَا وَبَقِيَ حَقُّ الَّذِي لَمْ يَعْفُ. فَإِذَا دَفَعَ ذَلِكَ السَّهْمَ بِالْجِنَايَةِ زَادَ مَالُ الْمَيِّتِ فَتَطْرَحُ مِنْ نَصِيبِ الْوَرَثَةِ سَهْمًا فَيَصِيرُ الْعَبْدُ عَلَى خَمْسَةٍ، ثُمَّ تُجِيزُ الْهِبَةَ فِي سَهْمَيْنِ وَتُبْطِلُهَا فِي ثَلَاثَةٍ، ثُمَّ تَدْفَعُ سَهْمًا بِالْجِنَايَةِ فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةٌ مِثْلَا مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ.
وَأَمَّا الْحُكْمُ بَيْنَ الْوَارِثَيْنِ فَنَقُولُ التَّرِكَةُ تُقَسَّمُ بَعْدَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ عَلَى مَا تُقَسَّمُ إنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَصِيَّةٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَا وَصِيَّةٌ لَكَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَهْمَانِ وَنِصْفٌ، ثُمَّ السَّهْمُ الْمَدْفُوعُ بِالْجِنَايَةِ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ خَاصَّةً لِأَنَّ ذَلِكَ السَّهْمَ بِمَنْزِلَةِ مَالٍ عَلَى حِدَةٍ فَيَصِيرُ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ وَلِلَّذِي عَفَا سَهْمَانِ وَنِصْفٌ فَضَعِّفْهُ فَيَصِيرَ نَصِيبُ الَّذِي لَمْ يَعْفُ سَبْعَةَ أَسْهُمٍ وَنَصِيبُ الَّذِي عَفَا خَمْسَةً فَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ فَيَسْتَقِيمُ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ عَلَى ذَلِكَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِعَيْنِهَا قَدْ أَوْرَدَهَا فِي الْإِقْرَارِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهَا ثَمَّةَ، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُفْدَى بِخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي الْكُلِّ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ صَارَ سِتَّةَ آلَافٍ فَيَخْرُجُ الْعَبْدُ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ وَيُقَسَّمُ الْخَمْسَةُ آلَافٍ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ أَحَدَ عَشَرَ وَلِلْعَافِي سَهْمٌ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَا وَصِيَّةٌ لَكَانَتْ الْخَمْسَةُ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ خَاصَّةً وَالْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَبَعْدَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ يَضْرِبُ الَّذِي لَمْ يَعْفُ فِي الْبَاقِي بِخَمْسَةِ آلَافٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَالْعَافِي بِخَمْسِمِائَةٍ. فَإِذَا جَعَلْت كُلَّ خَمْسِمِائَةِ سَهْمًا يَصِيرُ ذَلِكَ اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةٍ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْكُلِّ لِأَنَّهُ إذَا فَدَاهُ بِخَمْسَةِ آلَافٍ صَارَ مَالُ الْمَيِّتِ سَبْعَةَ آلَافٍ وَخَمْسَمِائَةٍ فَيَكُونُ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ مِقْدَارَ ثُلُثِ مَالِهِ فَيَخْرُجُ الْعَبْدُ مِنْ ثُلُثِهِ وَيَقْتَسِمُ الِاثْنَانِ الْخَمْسَةَ آلَافٍ يَضْرِبُ فِيهَا الَّذِي لَمْ يَعْفُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَالْعَافِي بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَيَكُونُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ.
وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ رَدَّ رُبْعَ الْعَبْدِ وَصَارَتْ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ فَيَفْدِيهِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ نِصْفِ الدِّيَةِ لِأَنَّا نَجْعَلُ الْعَبْدَ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَنُجِيزُ الْهِبَةَ فِي سَهْمٍ، ثُمَّ نَفْدِي ذَلِكَ السَّهْمَ بِمِثْلِهِ وَمِثْلِ ثُلُثَيْهِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ هَكَذَا فَمِقْدَارُ مَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِيهِ مِنْهُ يَنْبَغِي أَنْ يَفْدِيَهُ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ فَيَزْدَادُ مَالُ الْمَيِّتِ بِسَهْمٍ وَثُلُثَيْ سَهْمٍ فَاطْرَحْ مِنْ نَصِيبِ الْوَرَثَةِ سَهْمًا وَثُلُثَيْ سَهْمٍ فَيَبْقَى مِنْ نَصِيبِهِمْ ثُلُثُ سَهْمٍ

الصفحة 117