كتاب المبسوط للسرخسي (اسم الجزء: 29)

قَالَ يَرُدُّ ثُلُثَ الْعَبْدِ وَسَلِمَ لَهُ الثُّلُثَانِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ.
وَتَفْسِيرُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ لِرَجُلٍ عَبْدًا فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ إنَّ عَبْدًا آخَرَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ جَنَى عَلَى الْوَاهِبِ، ثُمَّ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ عَبْدَيْنِ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ كَانَ مُخَاطَبًا بِالدَّفْعِ، أَوْ الْفِدَاءِ فَلَمَّا عَفَا الْأَوْلِيَاءُ صَارَ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُمْ اسْتَوْفَوْا وَحَصَلَ لِلْمَيِّتِ عَبْدَانِ فَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي الثُّلُثِ وَهُوَ ثُلُثَا عَبْدٍ فَتَبْطُلُ فِي ثُلُثِ عَبْدٍ فَيَرُدُّ الثُّلُثَ وَيَجْعَلُ لِلْوَرَثَةِ ثُلُثَا هَذَا الْعَبْدِ وَالْعَبْدُ الْآخَرُ الَّذِي سَلِمَ لَهُمْ بِحُكْمِ الْجِنَايَةِ فَيُسَلَّمُ لَهُمْ عَبْدٌ وَثُلُثٌ مِثْلَا مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ.
فَظَهَرَ أَنَّ الصَّحِيحَ مَا ذَكَرَهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَنَّهُ يَرُدُّ ثُلُثَ الْعَبْدِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ آلَافٍ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عِشْرِينَ أَلْفًا، وَقَدْ قَتَلَ الْعَبْدُ الْوَاهِبَ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْعَفْوُ كَيْفَ يَكُونُ حُكْمُهُ حَتَّى يَبْنِيَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَفْوِ فَنَقُولُ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْعَفْوُ لَكَانَ يُسَلَّمُ لَهُ الْخُمُسَانِ، ثُمَّ يَفْدِي ذَلِكَ بِخُمُسَيْ الدِّيَةِ لِأَنَّا نُجِيزُ الْهِبَةَ فِي الثُّلُثِ، ثُمَّ نَفْدِي ذَلِكَ بِخُمُسَيْ الدِّيَةِ لِأَنَّا نُجِيزُ الْهِبَةَ فِي الثُّلُثِ، ثُمَّ نَفْدِي ذَلِكَ الثُّلُثَ بِمِثْلِ نِصْفِهِ فَيَكُونُ الْعَبْدُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ نُجِيزُ الْهِبَةَ فِي سَهْمَيْنِ وَنَفْدِيهِ بِسَهْمٍ فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ خَمْسَةٌ فَاطْرَحْ مِنْ نَصِيبِهِمْ سَهْمًا وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ سَهْمَانِ فَصَارَ الْعَبْدُ عَلَى خَمْسَةٍ، وَقَدْ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي خَمْسَةٍ، ثُمَّ يَفْدِي ذَلِكَ بِسَهْمٍ وَاحِدٍ فَصَيَّرَ لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ وَهُوَ يَخْرُجُ مُسْتَقِيمًا أَيْضًا عَلَى الطَّرِيقِ الَّذِي ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِأَنْ نَجْعَلَ كُلَّ أَلْفٍ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ فَصَارَتْ الْقِيمَةُ سِتِّينَ وَالدِّيَةُ ثَلَاثِينَ، ثُمَّ نُجِيزُ الْهِبَةَ فِي الثُّلُثِ وَهُوَ عِشْرُونَ سَهْمًا، ثُمَّ نَفْدِي ذَلِكَ بِعَشَرَةٍ وَهُوَ الدَّائِرُ فَيُطْرَحُ مِنْ نَصِيبِ الْوَرَثَةِ عَشَرَةٌ فَصَارَ الْعَبْدُ خَمْسِينَ سَهْمًا، وَقَدْ أَجَزْنَا الْوَصِيَّةَ فِي عِشْرِينَ، وَذَلِكَ خُمُسَا الْعَبْدِ. وَإِذَا أَرَدْت أَنْ تَعْرِفَ مِقْدَارَهُ بِالدِّرْهَمِ فَقُلْ قَدْ أَجَزْنَا الْهِبَةَ فِي خُمُسَيْ الْعَبْدِ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةُ آلَافٍ وَبَقِيَ لِلْوَرَثَةِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا، ثُمَّ تَفْدِي الْوَرَثَةُ ذَلِكَ بِخُمُسَيْ الدِّيَةِ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا وَهُوَ مِثْلَا مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ. فَإِذَا عَفَوَا لَا يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ لِأَنَّ أَرْبَعَةَ آلَافٍ مِنْ الْفِدَاءِ كَأَنَّهَا فِي أَيْدِيهِمْ إذَا ضَمَمْت ذَلِكَ إلَى مَا قَبَضُوا يَتَبَيَّنُ أَنَّ السَّالِمَ لَهُمْ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا

وَإِذَا وَهَبَ عَبْدًا فِي مَرَضِهِ لِرَجُلٍ، ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ قَتَلَ الْوَاهِبَ خَطَأً وَلَهُ وَلِيَّانِ فَعَفَا عَنْهُ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ادْفَعْ نِصْفَهُ إلَى الَّذِي لَمْ يَعْفُ، أَوْ افْدِهِ فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ دَفَعَ إلَى الَّذِي لَمْ يَعْفُ نِصْفَهُ وَإِلَى الْعَافِي رُبْعَهُ وَيَبْقَى لَهُ الرُّبْعُ لِأَنَّهُمَا لَوْ لَمْ يَعْفُوَا كَانَ يَدْفَعُ جَمِيعَ الْعَبْدِ إلَيْهِمَا نِصْفُهُ بِالْجِنَايَةِ وَنِصْفُهُ بِنَقْصِ الْهِبَةِ، وَلَوْ عَفَوَا لَكَانَ يَدْفَعُ إلَيْهِمَا نِصْفَهُ بِنَقْصِ الْهِبَةِ، وَلَا يَدْفَعُ بِالْجِنَايَةِ شَيْئًا فَلَمَّا عَفَا أَحَدُهُمَا

الصفحة 119