كتاب المبسوط للسرخسي (اسم الجزء: 29)

لِلْعَصَبَةِ فَهُوَ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ وَأَمَّا الْفَرِيضَةُ الْقَاصِرَةُ أَنْ يَكُونَ سِهَامُ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ دُونَ سِهَامِ الْمَالِ وَلَيْسَ هُنَاكَ عَصَبَةٌ بِأَنْ تَرَكَ أُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأُمًّا فَلِلْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ الثُّلُثَانِ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَلَا عَصَبَةَ فِي الْوَرَثَةِ لِيَأْخُذَ مَا بَقِيَ فَالْحُكْمِ فِيهِ الرَّدِّ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فِي بَابِهِ وَالْفَرِيضَةُ الْعَائِلَةُ أَنْ يَكُونَ سِهَامُ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ أَكْثَرَ مِنْ سِهَامِ الْمَالِ بِإِنْ كَانَ هُنَاكَ ثُلُثَيْنِ وَنِصْفًا كَالزَّوْجِ مَعَ الْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، أَوْ نِصْفَيْنِ وَثُلُثًا كَالزَّوْجِ مَعَ الْأُخْتِ الْوَاحِدَةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَمَعَ الْأُمِّ فَالْحُكْمُ فِي هَذَا الْعَوْلِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَهُوَ مَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُنْكِرُ الْعَوْلَ فِي الْفَرَائِضِ أَصْلًا وَأَخَذَ بِقَوْلِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَزَيْنُ الْعَابِدِينَ وَأَوَّلُ مَنْ قَالَ بِالْعَوْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ وَقَعَتْ هَذِهِ الْحَادِثَةُ أَعِيلُوا الْفَرَائِضَ وَقِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ أَوَّلُ مَنْ أَعَالَ الْفَرَائِضَ فَقَالَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، ثُمَّ أَتَى بِفَرِيضَةٍ فِيهَا ثُلُثَانِ وَنِصْفٌ، أَوْ نِصْفَانِ وَثُلُثٌ فَقَالَ لَا أَدْرِي مَنْ قَدَّمَهُ اللَّهُ فَأُقَدِّمُهُ، وَلَا مَنْ أَخَّرَهُ اللَّهُ فَأُؤَخِّرُهُ وَأَعَالَ الْفَرِيضَةَ وَأُيَمُّ اللَّهِ لَوْ قَدَّمَ مَنْ قَدَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَخَّرَ مَنْ أَخَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا عَالَتْ فَرِيضَةٌ قَطُّ فَقِيلَ وَمَنْ الَّذِي قَدَّمَهُ اللَّهُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ مَنْ نَقَلَهُ اللَّهُ مِنْ فَرْضٍ مُقَدَّرٍ إلَى فَرْضٍ مُقَدَّرٍ فَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ نَقَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَرْضٍ مُقَدَّرٍ إلَى غَيْرِ فَرْضٍ مُقَدَّرٍ فَهُوَ الَّذِي أَخَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَعَنْ عَطَاءٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ كَيْفَ يُصْنَعُ فِي الْفَرِيضَةِ الْعَائِلَةِ فَقَالَ أَدْخِلْ الضَّرَرَ عَلَى مَنْ هُوَ أَسْوَأُ حَالًا فَقِيلَ وَمَنْ الَّذِي هُوَ أَسْوَأُ حَالًا فَقَالَ الْبَنَاتُ وَالْأَخَوَاتُ فَقَالَ عَطَاءٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا يُغْنِي رَأْيُك شَيْئًا، وَلَوْ مِتَّ لَقُسِمَ مِيرَاثُك بَيْنَ وَرَثَتِك عَلَى غَيْرِ رَأْيِك فَغَضِبَ فَقَالَ قُلْ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِالْعَوْلِ حَتَّى نُجْمَعَ، ثُمَّ نَبْتَهِلَ فَنَجْعَلَ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ إنَّ الَّذِي أَحْصَى رَمْلَ عَالِجٍ عَدَدًا لَمْ يَجْعَلْ فِي مَالٍ نِصْفَيْنِ وَثُلُثًا. فَإِذَا ذَهَبَ هَذَا بِالنِّصْفِ، وَهَذَا بِالنِّصْفِ فَأَيْنَ مَوْضِعُ الثُّلُثِ فَقَالَ لِمَ تَقُلْ هَذَا فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ كَانَ رَجُلًا مَهِيبًا فَهِبْت حَتَّى قَالَ الزُّهْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَوْلَا أَنَّهُ يُقَدَّمُ فِي الْعَوْلِ قَضَاءُ إمَامٍ عَادِلٍ وَرِعٍ لَمَا اخْتَلَفَ اثْنَانِ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قَوْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُبَاهَلَةِ يَعْنِي مَسْأَلَةَ الْعَوْلِ، ثُمَّ اشْتَبَهَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي فُصُولٍ فَمِنْهَا إذَا تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُمًّا وَابْنَةً وَابْنَةَ ابْنٍ فَعَلَى قَوْلِ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ لِلزَّوْجِ الرُّبُعُ ثَلَاثَةٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ سَهْمَانِ وَلِلِابْنَةِ النِّصْفُ سِتَّةٌ وَلِابْنَةِ الِابْنِ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ فَتَعُولُ بِسَهْمٍ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ

الصفحة 161