كتاب المبسوط للسرخسي (اسم الجزء: 29)

وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَأُمًّا وَامْرَأَةً كَانَتْ وَصِيَّتُهُ جُزْءًا مِنْ أَحَدٍ وَسَبْعِينَ مَعَ ثُلُثِ رَقَبَته؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْفَرِيضَةِ مِنْ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ: لِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ، وَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ وَلِلْمَرْأَةِ ثَلَاثَةٌ وَبَقِيَ سَهْمٌ وَاحِدٌ فَهُوَ لِلْمَوْلَى، ثُمَّ ثُلُثُ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَصِيَّةٌ، فَالسَّبِيلُ أَنْ تَضْرِبَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ: لِلْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ، وَيَعُودُ إلَى وَرَثَةِ الْعَبْدِ سَهْمٌ مِنْهُ بِالْوَصِيَّةِ فَيُطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّهِمْ سَهْمٌ يَبْقَى أَحَدٌ وَسَبْعُونَ، فَتَبَيَّنَّ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ بِثُلُثِ رَقَبَتِهِ وَبِجُزْءٍ مِنْ أَحَدٍ وَسَبْعِينَ مِمَّا بَقِيَ مِنْ تَرِكَتِهِ بَعْدَ رَفْعِ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ.

وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْمَوْلَى وَتَرَكَ ثَلَاثَ مِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَوَصِيَّةُ الْعَبْدِ مِنْ ذَلِكَ ثَمَانُونَ دِرْهَمًا، وَالسِّعَايَةُ مِائَتَانِ وَعِشْرُونَ؛ لِأَنَّ الْقَدْرَ الْمَشْغُولَ بِالدَّيْنِ مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ لَا يُعَدُّ مَالًا لِلْمَوْلَى فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ يَبْقَى مَالُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَبَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْر مِنْ قِبَلِ الْمَوْلَى يُقَسَّمُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ: خُمُسَاهُ لِلْعَبْدِ بِالْوَصِيَّةِ، وَذَلِكَ ثَمَانُونَ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ لِلْمَوْلَى، ثُمَّ يَعُودُ نِصْفُ الثَّمَانِينَ بِالْمِيرَاثِ إلَى الْمَوْلَى فَيَسْلَمُ لِوَرَثَتِهِ مِائَةٌ وَسِتُّونَ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لِلْعَبْدِ فِي ثَمَانِينَ فَاسْتَقَامَ.
وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ يَجْعَلُ طَرْحَ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ قِبَلِ الْعَبْدِ قَالَ: يَرْفَعُ مِقْدَارَ الدَّيْنِ، وَهُوَ مِائَةٌ وَثُلُثَا مَا بَقِيَ، فَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْعَبْدِ ثُلُثُ مَا بَقِيَ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ فَذَلِكَ بَيْنَ الِابْنَةِ، وَالْمَوْلَى نِصْفَانِ، ثُمَّ نَصِيبُ الْمَوْلَى يَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ لِتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ لِلْعَبْدِ فِي ثَلَاثَةٍ فَيُطْرَحُ سَهْمٌ مِنْ قِبَلِ الِابْنَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعُودُ إلَيْهَا بِالْوَصِيَّةِ وَيُقَسَّمُ هَذَا الْبَاقِي عَلَى خَمْسَةٍ: خُمُسَاهَا لِلِابْنَةِ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْمَوْلَى، ثُمَّ يَعُودُ خُمْسٌ بِالْوَصِيَّةِ إلَيْهَا فَيَسْلَمُ إلَيْهَا مِثْلُ مَا سَلِمَ لِلْمَوْلَى، وَقَدْ حَصَلَ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ مَرَّةً فِي سِتَّةٍ وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ وَمَرَّةً فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٍ فَذَلِكَ ثَمَانُونَ، ثُمَّ التَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعَ الِابْنَةِ امْرَأَةٌ أَوْ أُمٌّ أَوْ كِلَاهُمَا، فَهُوَ يَخْرُجُ مُسْتَقِيمًا إذَا تَأَمَّلْتَ عَلَى الطَّرِيقِ الَّذِي قُلْنَا

وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ وَتَرَكَ الْمَوْلَى أَيْضًا ثَلَثَمِائَةٍ فَوَصِيَّةُ الْعَبْدِ مِائَتَانِ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّا نَضُمُّ مَا تَرَكَ الْمَوْلَى إلَى مَا تَرَكَهُ الْعَبْدُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ فَضْلٌ عَلَى قِيمَتِهِ فَيُجْعَلُ ذَلِكَ كُلُّهُ مَالَ الْمَوْلَى، ثُمَّ بَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ جَانِبِ الْمَوْلَى نُنَفِّذُ الْوَصِيَّةَ لِلْعَبْدِ فِي خُمْسَيْ ذَلِكَ، وَخُمْسَا سِتِّمِائَةٍ مِائَتَانِ وَأَرْبَعُونَ يَبْقَى مِنْ تَرِكَةِ الْعَبْدِ سِتُّونَ يَأْخُذُهُ بِطَرِيقِ السِّعَايَةِ وَيَأْخُذُ نِصْفَ الْمِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ بِطَرِيقِ الْمِيرَاثِ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَتِهِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَثَمَانُونَ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ.
وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ يَقُولُ: وَصِيَّةُ الْعَبْدِ مِنْ ثَلَاثِ مِائَةٍ، فَإِذَا تَرَكَ ثَلَاثَ مِائَةٍ، وَالْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِمِائَةٍ عَرَفْنَا أَنَّ

الصفحة 76