كتاب في الميزان الجديد

الذي يشبه أسلوب بشر فارس في "سوء تفاهم"، وأنا إذ أقول "الأسلوب" أقصد إلى كل هذا النوع من الأدب، وهو بعد أسلوب له نظائره في كل الآداب، ولقد حاربه دائما خير النقاد والكتاب، هو أسلوب الشويعر "تريسوتان" في كوميديا موليير "النساء العالمات" أسلوب المتحذلقات في كوميدياه الأخرى "المتحذلقات المضحكات". وهو قد يسمو قليلا فيصل إلى أسلوب "ماريفو" المسمى "بالماريفوديه" Marivaudage، ولقد يبلغ بأصحابه الغرور أن يسموه "الأسلوب الفني" كما فعل جونكور وأخوه. انظر إلى هذين الأخيرين يقولان في وصف مدام جوفزيه Gervaisais بطلة رواية لهما وهي في مجلس أصدقاء: "هنالك وقد أحسست في دلال بالجهد من حمل رشاقة قدها: أكتاف مضناة ورقبة فرعاء، أخذت تنصت في رفق وبلبها شرود، حتى لكأنه لا ينصت منها غير ابتسامة وجهها إلى ذلك الحديث المهشم الذي كانت تتبادله تلك الحلقة الضيقة التي جلست على مقاعد كستها طنافس صورت عليها فضائل الدين".
لننظر في القصة الأولى من المجموعة، وعنوانها "قصة ستكمل" على نحو ما كتب شوبيرت "سمفونية ناقصة؟؟! " وهي قصة رجل تافه متسكع مغرور، نحس أن الكتاب يسلم له بأنه ملك مسيطر على قلوب النساء! وأنه يستطيع بتصنيع البرود والقسوة والسفسطة أن يسبي الحسان! ثم امرأة يشعرنا بأنها ستخضع لهذا الرجل رغم أنفها؛ لأنه واسع الحيلة خبير بالفتيات! الرجل في عقلية ما يسمونه بالفرنسية "بالجيجولو" والمرأة "عاهرة", والقصة تبتدئ بالمرآة تنظر فيها المرأة، وكم في المجموعة كلها من مرايا! وعند بطل القصة "أن روح الرجل مصباح كهربي، زره تحت ضغط أصبع المرأة". و"المصباح الكهربي" و"الزر" أشياء حديثة رأيناها جميعا، ولكن ماذا نقول في "البطلة" التي أرسلت خادمها إلى صندوق البريد بأسفل السلم لينظر هل جاءها خطاب من صاحبها العزيز أم لا؟ و"هبط الخادم ومعه قلب هبط ثم صعد الخادم واجما فلم يصعب القلب". أين ذهب؟ ذلك ما لم يحدثنا عنه المؤلف! أهذا هو أسلوب القصة التي هي "حنية من صدر الحياة تنتزع" كما يقول الكاتب نفسه في أحد أحاديثه الذي حرص على أن يصدر كتابه ببعض فقراته بعد أن "نشرته مجلة المكشوف البيروتية" العدد 232 - 14/ 11/ 1941، ونقلت صفوته "المقتطف" عدد فبراير سنة 1942، و"الثقافة العدد 162" 3/ 3/ 1942، وفي الفرنسية Journal d.Egypte القاهرة 14/ 2/ 1942. ما هذا القلب الذي يهبط ثم يجرؤ إلا يعود فيصعد؟ والمؤلف

الصفحة 21