كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
وهذا الباعثُ أكملُ بواعث العبوديَّة وأقواها، حتى لو فُرِض تجرُّده عن الأمر والنهي والثَّواب والعقاب استَفرَغ الوُسعَ واستَخلَص القلبَ للمعبود الحقِّ (¬١).
ومن هذا قولُ بعض السَّلف: «إنه ليَسْتَخْرِجُ حبُّه من قلبي ما لا يسْتَخْرِجُه خوفُه» (¬٢)، ومنه قول عمر في صُهيب: «لو لم يَخَف اللهَ لم يَعْصِه» (¬٣).
وقد كان هذا هو الواجبَ على كلِّ عاقل، كما قال بعضهم:
هَبِ البَعْثَ لم تَأتِنا رُسْلُه ... وجَاحِمَةُ النَّارِ لم تُضْرَمِ
أليسَ من الواجب المُسْتَحَقْـ ... ـقِ طاعةُ ربِّ الورى الأكرمِ (¬٤)
---------------
(¬١) في (ت) زيادة: «ومن هذا شأنه فهو المعبود الحق».
(¬٢) (ق، ت): «ما لا يستخرجه قوله». وهو تحريف. وقد سلف الأثر وتخريجه (ص: ٨٢١).
(¬٣) يعني: أنه لو لم يخف من الله لكان في قلبه من محبة الله وإجلاله ما يمنعه من معصيته. انظر: «طريق الهجرتين» (٥٩٠)، و «بدائع الفوائد» (٩٢)، و «مجموع الفتاوى» (١٠/ ٦٤)، و «جامع المسائل» (٣/ ٣١٥).
وقد اشتهر هذا الأثر في كلام الأصوليين وأصحاب المعاني وأهل العربية، وبعضهم يذكره مرفوعًا، وقال العراقي وغيره: لا أصل له. انظر: «المقاصد الحسنة» (٥٢٦)، و «تدريب الراوي» (٢/ ١٦٢).
وورد مرفوعًا بمعناه في سالم مولى أبي حذيفة. أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (١/ ١٧٧) من حديث عمر، ولا يصح. انظر: «السلسلة الضعيفة» (٣١٧٩).
(¬٤) الأول للوزير المهلَّبي في «يتيمة الدهر» (٢/ ٢٨٥)، والثاني عنده:
أليس بكافٍ لذي فكرةٍ ... حياءُ المسيء من المنعم
وأنشدهما ابن الجوزي في «المدهش» (٦٩٩) دون نسبة.