كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

وهذا من أبطَل الباطل، وسنذكُر في القسم الثَّاني إن شاء الله من هذا الكتاب بطلانَ هذا المذهب من أكثر من مئة وجه (¬١).
ولو عرَف القومُ صفاتِ الأرواح وأحكامَها لعلموا أنَّ طاعةَ من لا يُحَبُّ (¬٢) وعبادتَه محال، وأنَّ من أتى بصورة الطَّاعة خوفًا مجرَّدًا عن الحبِّ فليس بمطيعٍ ولا عابد، وإنما هو كالمُكْرَه، أو كأجير السَّوء الذي إن أُعطِيَ عَمِل وإن لم يُعْطَ كَفَر وأبَق.
وسَيَرِدُ عليك بسطُ الكلام في هذا عن قريبٍ إن شاء الله (¬٣).
والمقصودُ أنَّ الطَّاعةَ والعبادة النَّاشئة عن محبة الكمال والجمال أعظمُ من الطَّاعة النَّاشئة عن رؤية الإنعام والإحسان، وفرقٌ عظيمٌ بين ما تعلَّق بالحيِّ الذي لا يموت، وبين ما تعلَّق بالمخلوق، وإن شَمِل النَّوعين اسمُ المحبة، ولكنْ كم بين من يحبُّك لذاتك وأوصافك وجمالك، وبين من يحبُّك لخَيْرِك ودراهمك؟!
فصل
والأسماء الحسنى والصِّفاتُ العُلى مقتضيةٌ لآثارها من العبوديَّة والأمر اقتضاءها لآثارها من الخلق والتكوين، فلكلِّ صفةٍ عبوديَّةٌ خاصَّةٌ هي من مُوجَباتها ومقتضياتها، أعني: مِنْ مُوجَبات العلم بها والتَّحقُّق (¬٤) بمعرفتها.
---------------
(¬١) لم يقع ذلك. وراجع ما كتبناه في المقدمة عن تقسيم الكتاب.
(¬٢) (ق): «تجب». تحريف.
(¬٣) انظر التعليق المتقدم قبل قليل.
(¬٤) في الأصول: «والتحقيق». والمثبتُ من (ط) أشبه.

الصفحة 1085