كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
والتَّنكيرُ كثيرًا ما يجيء للتَّعظيم والتَّفخيم، كقوله: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ} [آل عمران: ١٣٣]، وقوله: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} [التوبة: ٧٢]، وقوله: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٤].
* ثمَّ خَصَّ أولي الألباب، وهم أولو العقول التي عَقَلَت عن الله أمرَه ونهيَه وحكمتَه؛ إذ هم المنتفعون بالخطاب.
ووازِن بين هذه الكلمات وبين قولهم: «القتلُ أنفى للقتل»، تتبيَّنْ مقدارَ التَّفاوت وعظمةَ القرآن وجلالتَه (¬١).
الوجه الرابع والخمسون: قولكم: «إنَّ القِصاصَ إتلافٌ بإزاء إتلاف، وعدوانٌ في مقابلة عدوان، ولا يحيا الأوَّلُ بقتل الثَّاني، ففيه تكثيرُ المفسدة بإعدام النَّفْسَيْن، وأمَّا مصلحةُ الرَّدع والزَّجر واستبقاء النَّوع فأمرٌ متوهَّم، وفي القِصاص استهلاكٌ محقَّق» (¬٢).
فيقال: هذا الكلامُ من أفسد الكلام وأبينه بطلانًا؛ فإنه يتضمَّنُ التَّسويةَ بين القبيح الذي اتفقت العقولُ والدياناتُ على قُبحه وفساده، وبين الحسَن (¬٣) الذي اتفقت العقولُ والدياناتُ على حُسْنه وصلاح الوجود به.
---------------
(¬١) انظر: «النكت في إعجاز القرآن» للرماني (٧٧)، و «دلائل الإعجاز» (٢٨٩)، و «تحرير التحبير» (٤٦٨)، و «مقدمة تفسير ابن النقيب» (١٤٢)، و «سر الفصاحة» (٣١٢)، و «الصناعتين» (١٧٥)، و «الاعتقاد» للبيهقي (٣٤٩)، و «الإتقان» للسيوطي (١٣٩٥)، و «وحي القلم» للرافعي (٣/ ٣٩٧).
(¬٢) انظر: (ص: ٩٨٧).
(¬٣) من قوله: «الذي اتفقت» إلى هنا ساقط من (ت، ق)؛ لانتقال النظر. وتصرف ناشر (ط) فأثبت موضعه: «والحسن ونفي حسن القصاص».