كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
فعَله أو لم يفعله (¬١).
وتلقَّى هذا القولَ عنهم طوائفُ من أهل العلم (¬٢)، وفسَّروا الحديثَ به وأسنَدوا ذلك وقوَّوهُ بآياتٍ وآثارٍ زعموا أنها تدلُّ عليه:
كقوله: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} [المائدة: ١١٨]، يعني لم تتصرَّف في غير مُلكِك، بل إن عذَّبتَ عذَّبتَ من تملِك.
وعلى هذا، فجوَّزوا تعذيبَ كلِّ عبد له ولو كان محسِنًا، ولم يرَوا ذلكَ ظلمًا.
وبقوله تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: ٢٣].
وبقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله لو عذَّبَ أهلَ سماواته وأهلَ أرضه لعذَّبهم وهو غيرُ ظالمٍ لهم» (¬٣).
وبقوله - صلى الله عليه وسلم - في دعاء الهمِّ والحزن: «اللهمَّ إني عبدُك وابنُ عبدك، ماضٍ فيَّ حُكمُك، عَدلٌ فيَّ قضاؤك» (¬٤).
وبما رُوِي عن إياس بن معاوية قال: ما ناظرتُ بعقلي كلِّه أحدًا إلا القَدَريَّة، قلتُ لهم: ما الظُّلم؟ قالوا: أن تأخذَ ما ليس لك، أو أن تتصرَّف فيما
---------------
(¬١) وهذا قول الجهمية والأشاعرة ومن وافقهم. انظر «غاية المرام» للآمدي (٢٤٥) وحاشيته، و «جامع الرسائل» (١/ ١٢٢).
(¬٢) من أهل الإثبات، من أصحاب مالك والشافعي وأحمد ومن شرَّاح الحديث. انظر: «مجموع الفتاوى» (١٨/ ١٣٩)، و «منهاج السنة» (٢/ ٣٠٤).
(¬٣) تقدم تخريجه (ص: ٢١).
(¬٤) تقدم تخريجه (ص: ٨١٧).