كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

ليس لك. قلت: فللَّه كلُّ شيء (¬١).
والتزم هؤلاء عن هذا القول لوازمَ باطلة:
كقولهم: إنَّ الله تعالى يجوزُ عليه أن يعذِّبَ أنبياءه ورسلَه وملائكتَه وأولياءه وأهلَ طاعته، ويخلِّدهم في العذاب الأليم، ويُكْرِم أعداءه من الكفَّار والمشركين (¬٢) والشياطين، ويخصَّهم بجنَّته وكرامته، وكلاهما عدلٌ وجائزٌ عليه، وأنه يُعْلَمُ أنه لا يفعلُ ذلك بمجرَّد خبره (¬٣)؛ فصار ممتنعًا لإخباره أنه لا يفعلُه لا لمنافاته حكمتَه (¬٤)، ولا فرق بين الأمرين بالنسبة إليه، ولكن أراد هذا وأخبَر به، وأراد الآخرَ وأخبَر به، فوجبَ هذا لإرادته وخبره، وامتنعَ ضدُّه لعدم إرادته واختياره بأنه لا يكون.
والتزموا له أيضًا: أنه يجوزُ أن يعذِّبَ الأطفالَ الذين لا ذنبَ لهم أصلًا، ويخلِّدهم في الجحيم. وربَّما قالوا بوقوع ذلك (¬٥).
فأنكَر على الطَّائفتين معًا أصحابُ التفسير الثَّالث، وقالوا: الصَّوابُ الذي دلَّت عليه النُّصوص: أنَّ الظُّلمَ الذي حرَّمه اللهُ على نفسه وتنزَّه عنه فعلًا وإرادةً هو ما فسَّره به سلفُ الأمَّة وأئمَّتُها؛ أنه لا يُحْمَلُ عليه (¬٦) سيِّئاتُ
---------------
(¬١) أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (٩٤٦)، واللالكائي (١٢٨٠)، والبيهقي في «الاعتقاد» (١٧٢)، وأبو نعيم في «الحلية» (٣/ ١٢٤).
(¬٢) (ت): «الكفار والمنافقين».
(¬٣) انظر: «منهاج السنة» (٣/ ٨٧)، و «النبوات» (٤٦٨).
(¬٤) (ق) و (ت): «إلا لمنافاته حكمته». وهو تحريف.
(¬٥) انظر: «النبوات» (٤٦٨، ٤٦٩).
(¬٦) أي: على العبد. وسقطت الكلمة من (ق).

الصفحة 1128