كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
ونظيرُ هذا ما أخبَر به سبحانه مِن قَسَمِه ليفعلنَّ ما أقسَم عليه، كقوله: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: ٩٢ - ٩٣]، {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا} [مريم: ٦٨]، وقوله: {لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ} [إبراهيم: ١٣]، وقوله: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: ٨٥]، وقوله: {فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [آل عمران: ١٩٥]، وقوله: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} [الأعراف: ٦]، وقوله فيما يرويه عنه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «وعزَّتي وجلالي لأقتصَّنَّ للمظلوم من الظَّالم ولو لطمةً، ولو ضربةً بيدٍ» (¬١).
إلى أمثال ذلك من صِيَغ القَسَم المتضمِّن معنى إيجاب المُقْسِم على نفسه أو مَنْعِه نفسَه؛ وهو القَسَمُ الطَّلبيُّ المتضمِّن للحضِّ (¬٢) والمنع، بخلاف القَسَم الخبريِّ المتضمِّن للتصديق أو التكذيب، ولهذا قسَّم الفقهاءُ وغيرهم اليمينَ إلى: مُوجِبةٍ للحضِّ والمنع، أو التصديق والتكذيب (¬٣).
---------------
(¬١) أخرجه أحمد (٣/ ٤٩٥)، والبخاري في «الأدب المفرد» (٩٧٠)، وابن قدامة في «صفة العلو» (٤٢) واللفظ له، وغيرهم من طرقٍ عن جابر، يثبتُ بمجموعها، وصحَّح أحدها الحاكم (٢/ ٤٣٧) ولم يتعقبه الذهبي، وحسَّنه المنذري في «الترغيب والترهيب» (٤/ ٤٠٤)، وابن حجر في «الفتح» (١/ ١٧٤)، وابن ناصر الدين الدمشقي في الجزء الذي أفرده لهذا الحديث (٣٨).
(¬٢) (ق، د) في الموضعين: «الحظ». وفي (ت) في الموضع الأول: «الحصر»، وفي الثاني: «الحظر». وكله تحريف.
(¬٣) انظر: «مجموع الفتاوى» (٣٣/ ١٩٧، ٢٣٢)، و «إغاثة اللهفان» (٢/ ٨٧، ٩٤)، و «بدائع الفوائد» (٦٤٥)، و «الإنصاف» (٩/ ١٠٦).