كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

فإن قلتم: إنها لمَّا كانت صغيرةً وآثارُها ضعيفةً لم تَصِل آثارُها وقُواها إلى هذا العالم.
قيل لكم: صِغَرُ الجُثَّة لا يوجبُ ضعفَ الأثر؛ فإنَّ عُطارِد أصغرُ الأجرام الفلَكيَّة جِرمًا عندكم، مع أنَّ آثاره قويَّة.
وأيضًا؛ فالرَّأسُ والذَّنَبُ نقطتان وهميَّتان (¬١)، وأنتم فقد أثبتُّم لهما آثارًا.
وأيضًا؛ السِّهام ــ مثل: سهم السَّعادة، وسهم الغيب (¬٢) ــ نُقَطٌ وهميَّة، ولها عندكم آثارٌ قويَّة (¬٣).
الوجه الثاني مما يدلُّ على أنَّ معرفة جميع المؤثِّرات الفلَكيَّة غيرُ معلوم: أنَّ الكواكبَ المرئيَّة (¬٤) غيرُ مرصودةٍ بأسْرِها، فإنكم أنتم وغيركم قد قلتم: إنَّ المَجَرَّة عبارةٌ عن أجرامٍ كوكبيَّة صغيرةٍ جدًّا مرتكزةٍ في فلَك الثَّوابت على هذا السَّمْت المخصوص. ولا ريب أنَّ الوقوفَ على طبائعها متعذِّر.
وثالثها: أن جميعَ الكواكب الثابتة المحسوسة لم يحصل الوقوفُ التامُّ
---------------
(¬١) تكونان عند تقاطع طريق الكواكب لطريق الشمس بممرِّها في البروج. انظر: «رسائل إخوان الصفا» (١/ ١٢٠).
(¬٢) وهما من سهام الكواكب السبعة، ويسمَّى الأول: سهم القمر، والثاني: سهم الشمس. انظر: «التفهيم لأوائل صناعة التنجيم» للبيروني (٢٨٣).
(¬٣) انظر: «المطالب العالية» للرازي (٨/ ١٥٣، ١٥٤).
(¬٤) (د): «المريية» بياءين، بتسهيل الهمز. (ت): «المرتبة». (ق): «المريبة». وكلاهما خطأ. وعلى الصواب في «السر المكتوم».

الصفحة 1180