كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)
وأتى مِن مُناقضتهم والردِّ عليهم بما هو دالٌّ على فساد الصِّناعة في نفسها.
وختَم كتابَه بقوله في الخبيء والضمير (¬١): «ما أكثر افتضاحَ المنجِّمين فيه! وما أكثر إصابةَ الزَّاجرين (¬٢) فيه بما يستعملونه من كلامه وقتَ السؤال ويرونه باديًا من آثارٍ وأفعالٍ على السائل» (¬٣).
وقال: «وعند البلوغ إلى هذا الموضع من صناعة التنجيم كفاية، ومن تعدَّاه فقد عرَّض نفسَه وصناعتَه لما بلغت إليه الآن من السُّخرية والاستهزاء، فقد جَهِلَها المتفقِّهون فيها، فضلًا عن المنتسبين إليها» (¬٤). انتهى كلامه.
ثمَّ حدثت جماعةٌ أخرى، منهم: أبو الصَّلت أميَّة بن عبد العزيز بن أميَّة الأندلسي، الشاعر المنجِّم الطبيب الأديب، وكان بعد البِيرُوني بنحوٍ من ثمانين عامًا (¬٥)، ودخل مصر، وأقام بها نحو عامين (¬٦)، ولما كان بالغَرب
---------------
(¬١) الخبيء: ما عُمِّي من شيءٍ ثم سُئل عنه. والضمير: ما يُضْمَر في النفس. «المعجم الوسيط». وانظر: «أخبار الحكماء» (٤٤٦ - ٤٤٧).
(¬٢) من زَجْرِ الطير، وهو إثارتها والتيمُّن بسُنوحها والتشاؤم ببروحها. «اللسان» (زجر). وفي (ط): «الراصدين».
(¬٣) «التفهيم» (٢٦٣). وانظر كتابه: «تحقيق ما للهند» (٥١٥) [وكتابه "تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن" (٢٩٠)].
(¬٤) «التفهيم» (٢٧٩).
(¬٥) (ت: ٥٢٩، وقيل: ٥٤٦). انظر: «أخبار الحكماء» (١٠٦)، و «وفيات الأعيان» (١/ ٢٤٣)، و «إرشاد الأريب» (٧٤٠)، و «نفح الطيب» (١/ ١٠٥).
(¬٦) كذا في الأصول. والذي عند مترجميه أنه عاش فيها أكثر من ذلك، قيل: عشرين سنة، وسُجِنَ بها ثلاث سنين، وصنَّف بعد ما خرج منها: «الرسالة المصرية»، وصف فيها ما عاناه بمصر وعاينه، ومما ذكر: حال المنجِّمين بها، وقلة بصرهم بصناعتهم، وتقليدهم فيها، وتعلُّقهم منها بالقشور، وولوع المصريين بالنجوم، وشغفهم بها، وتصديقهم لأحكامها. وهي منشورة ضمن «نوادر المخطوطات» (١/ ١٧ - ٦٢).