كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)
وأيضًا؛ فإذا جوَّزتم انفعالَ الفلكيَّات عن أجزاء هذا العالم السُّفليِّ لَزِمَكم تجويزُ فساد هذه الكواكب من هذه الأجزاء (¬١) العنصريَّة، ولزمكم تجويزُ أن يرتفعَ إلى القمر من الأدخِنة ما يوجبُ جفافَه وبلوغَه في اليُبس الغاية.
وأيضًا؛ فإذا جوَّزتم ذلك فَلِمَ لا تجوِّزون نفوذَ تلك البُخَارات إلى ما وراء فلَك القمر، حتى يترطَّب فلَكُ الأفلاك؟!
فإن قلتم: فلكُ القمر عائقٌ عن ذلك.
قلنا: وكرةُ الأثير (¬٢) حائلةٌ بين عالمنا هذا وبين فلك القمر، فكيف جوَّزتم وصولَ البُخارات الأرضيَّة إلى فلَك القمر؟!
[وأما زعمهم أنَّ في] (¬٣) مشابهة لون المرِّيخ للون النَّار ما يقتضي (¬٤) تأثيره الإحراقَ والتجفيف، فهل في الهذَيان أعجبُ من هذا؟! فإن أرادوا النارَ البسيطة فإنها لا لونَ لها، وإن أرادوا النارَ الحادثةَ فهي بحسب مادَّتها التي توجبُ حُمْرتَها وصُفْرتها وبياضها.
---------------
(¬١) (د، ق): «الأجرام».
(¬٢) في الأصول: «الأثر». ويقال له: الفلك الأثير، والكرة الثانية، وكان يعتقَد أنه يملأ الفضاء، والأرض والأفلاك تتحرك خلاله، وزعموا أنه مؤثر في العالم الأرضي بحرارته ويبسه، ولذا سمِّي أثيرًا. انظر: «التوقيف على مهمات التعاريف» (٥٦٤)، و «الموسوعة العربية العالمية» (الأثير).
(¬٣) في الأصول بدل ما بين المعكوفين: «وفي». وكأن ثمة سقطًا. وأثبتُّ ما يفهَم به السياق.
(¬٤) في الأصول: «مما يقتضي». وأثبت الأنسب للسياق.