كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

من السَّببين (¬١) اللذَيْن دلَّا على طبيعة عطارد شيئًا، بل الذي (¬٢) يوجَدُ لها ضدُّ ذلك، وهو أنها بعيدةٌ من الشَّمس في أكثر الأوقات، وأن فلكها أبعدُ أفلاك الكواكب من كرة القمر.
وقالوا: إنَّ الكواكبَ التي في العواء (¬٣) تشبهُ حالَ عطارد وزُحَل في بعض الأوقات، وتشبهُ حالَ المشتري والمرِّيخ في بعضها».
قلت: وقد استدلَّ فضلاؤكم (¬٤) على اختلاف طبائع الكواكب باختلاف ألوانها، فقالوا: زُحَل لونُه الغُبْرة والكُمُودة (¬٥)، فحكمنا بأنه على طبع السَّوداء، وهو البردُ واليُبس، فإنَّ السوداء لها من الألوانِ الغُبْرةُ.
وأمَّا المرِّيخُ، فإنه يشبهُ لونُه لونَ النار، فلا جرَمَ قلنا: طبعُه حارٌّ يابس.
وأمَّا الشَّمس، فهي حارَّةٌ يابسة؛ لوجهين:
أحدهما: أنَّ لونها يشبهُ لونَ الحُمْرة.
الثاني: أنَّا نعلمُ بالبديهة (¬٦) أنها مسخِّنةٌ للأجسام، منشِّفةٌ للرطوبات.
---------------
(¬١) (ت): «الشيئين».
(¬٢) في الأصول: «الدور». وهو تحريف.
(¬٣) (ق): «النفاد». ومهملة في (د). (ت): «المقاد». وأقرب ما يحتمله الرسم من الصواب: العواء، والعقاب. وهما كوكبتان معروفتان، ككوكبة الجاثي المتقدمة. انظر المصدرين السابقين.
(¬٤) وهو الرازي، في «السر المكتوم» (٣٤).
(¬٥) الكُمْدة: تغيُّر اللون وذهاب صفائه. «اللسان» (كمد). والكمودة (وهي محدثة): القُتمة القريبة من السَّواد. انظر: «المواقف» للإيجي (٢/ ٤٥٨)، و «سبل الهدى والرشاد» (٢/ ٢٦١).
(¬٦) في الأصول: «بالتدبير». ولعله محرفٌ عما أثبت. وفي «السر المكتوم»: «أن كونها مسخنة للأجسام، منشفة للرطوبات، أمرٌ ظاهر».

الصفحة 1268