كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)
حرارة المرِّيخ (¬١). وهم لا يقولون بذلك.
وأمَّا عُطارد، فإنَّا وإنْ رأيناه متخلفَ اللون في الأوقات المختلفة إلا أنَّ السببَ فيه أنَّا لا نراه إلا إذا كان قريبًا من الأفق، وحينئذٍ يكونُ بيننا وبينه بخاراتٌ مختلفة، فلا جَرَمَ اختلفَ لونه (¬٢) لهذا السبب.
وأمَّا القمر، فقد قال زعيمُكم المؤخَّر أبو معشر: إنه لا يَنْسِبُ لونَه إلى البياض إلا من عَدِمَ الحِسَّ البصريَّ (¬٣).
فتبينَّ بطلانُ قولكم في طبائع الكواكب وتناقضُه واختلافُه.
ولما علم بعض فضلائكم فسادَ قولكم في طبائع الكواكب، وأنَّ العقلَ يشهدُ بتكذيبه، صدَفَ عنه وأنكره، وقال: إنما نشيرُ بهذه القوى والطبائع إلى ما يحدثُ عن كلِّ واحدٍ من الأجرام السماويَّة وينفعلُ بها من الكائنات الفاسدات، لا أنها بطبائعها تفعلُ ذلك، بل يحدثُ عنها ما يكونُ حارًّا أو باردًا أو رطبًا أو يابسًا، كما يقال: إنَّ الحركةَ تُسَخِّنُ والصَّومَ يجفِّف (¬٤)، لا على أنها تفعلُ ذلك بطبائعها، بل بما يحدُث عنها، فبَطْليموس قال: إنَّ القمرَ يرطِّبُ والشَّمس تسخِّنُ بحسب ما يحدثُ عنهما، وتنفعلُ المنفعلاتُ بتلك القوى، لا بأنَّ طبائعَها مكيِّفات.
---------------
(¬١) «السر المكتوم»: «وجب أن تكون الشمس أكثر سخونة من النار». وهو خطأ.
(¬٢) (ق): «أخلف لونه».
(¬٣) ثم أجاب الرازي: «ويمكن أن يجاب عن هذه الأسئلة بأن هذه التشابهات في الألوان توجبُ حركةً للظنون، فلما انضافت التجارب إليها كانت مطابقةً لتلك الظنون، فلا جرم حكموا بها قطعًا».
(¬٤) انظر: «زاد المعاد» (٤/ ٢٤٦)، و «المدخل» لابن الحاج (١/ ٢٨٨).