كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

ولا ننكرُ أيضًا ارتباطَ فصول العالم الأربعة بحركات الشَّمس وحلولها في أبراجها.
ولا ننكرُ أنَّ السُّودان لما كان مسكنُهم خطَّ الاستواء إلى محاذاة ممرِّ رأس السَّرطان (¬١)، وكانت الشَّمسُ تمرُّ على [سَمْت] (¬٢) رؤوسهم في السنة إمَّا مرَّةً وإمَّا مرتين؛ تسوَّدت أبدانُهم، وتجعَّدت شعورُهم، وقلَّت رطوباتهم، فساءت أخلاقُهم، وضعُفت عقولُهم.
وأمَّا الذين مساكنُهم أقربُ إلى محاذاة ممرِّ السرطان، فالسَّوادُ فيهم أقلُّ، وطبائعُهم أعدَل، وأخلاقُهم أحسن (¬٣)، وأجسامُهم أنصَف (¬٤)، كأهل الهند، واليمن، وبعض أهل الغَرب، [وكلِّ العرب] (¬٥).
وعكسُ هؤلاء الذين مساكنُهم على ممرِّ رأس السرطان إلى محاذاة بناتِ نَعْشٍ الكبرى، فهؤلاء لأجل أنَّ الشَّمس لا تُسَامِتُ رؤوسَهم، ولا تبعُد عنهم أيضًا بُعْدًا كثيرًا، لم يَعْرِض لهم حرٌّ شديدٌ ولا بردٌ شديد، فألوانهم متوسِّطة، وأجسامُهم معتدلة، وأخلاقُهم فاضلة (¬٦)، كأهل الشَّام والعراق
---------------
(¬١) «السر المكتوم»: «محاذاة من رأس السرطان».
(¬٢) من «السر المكتوم»، وكذا الزيادات التالية، فإن هذا المبحث ملخَّصٌ منه.
(¬٣) «السر المكتوم»: «آنس».
(¬٤) أي: أعدل. أفعل تفضيل، مِن أنصَفَ، على غير قياس. وفي (ت): «أنظف». (ق): «اتصف». (ط): «ألطف». وفي «الفلاكة والمفلوكون» (٢٤): «أنصع». والمثبت من (د) و «السر المكتوم».
(¬٥) «السر المكتوم»: «وبعض المغاربة وكل العرب».
(¬٦) «السر المكتوم»: «حسنة».

الصفحة 1273