كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)
وخراسان وفارس والصِّين (¬١).
ثمَّ من كان من هؤلاء أميَلُ إلى ناحية الجنوب كان أتمَّ في الذَّكاء والفهم، ومن كان منهم يميلُ إلى ناحية المشرق فهم أقوى نفوسًا وأشدُّ ذكورةً (¬٢)، ومن كان يميلُ إلى ناحية المغرب غلبَ عليه اللِّينُ والرَّزانة (¬٣).
ــ ومن تأمَّل هذا حقَّ التأمُّل، وسافر بفكره في أقطار العالَم، عَلِمَ حكمةَ الله في نشر مذهب أهل العراق (¬٤) وما فيه من اللِّين وما شاكله في أهل المشرق، ومذهب أهل المدينة (¬٥) وما فيه من الشدَّة والقوَّة في أهل المغرب ــ.
وأمَّا من كانت مساكنُهم محاذيةً لبنات نَعْش، وهم الصَّقالبةُ والرُّوس (¬٦)، فإنهم لكثرة بُعْدِهم عن مسامتة الشَّمس (¬٧) صارَ البردُ غالبًا
---------------
(¬١) ابتدأ الرازي بالصين وختم بالشام، فعكسه المصنِّف، وحقَّ له!.
(¬٢) «السر المكتوم»: «تذكيرا».
(¬٣) «السر المكتوم»: «ألين نفسًا وأشد ثباتًا وأكثر كتمانًا للأمور». وفي «صفة جزيرة العرب» للهمداني (٣٦) عن بطليموس: «وأمَّا الذين يميلون إلى ناحية المغرب فهم أكثر تأنيثًا [لعلها: تأنِّيًا]، وأنفسهم ألين، ويخفُون أمورهم في أكثر الأمر ويسترونها».
(¬٤) وهو مذهب أهل الرأي، أبي حنيفة وأصحابه.
(¬٥) وهو مذهب مالك بن أنس.
(¬٦) (د، ق): «والرومن». (ت): «والروم». وهو تحريف. والمثبت من «السر المكتوم». قال ياقوت: «الروس: أمةٌ من الأمم، بلادهم متاخمةٌ للصقالبة والترك». والصقالبة: شعوبٌ تسكن بين جبال الأورال والبحر الأدرياتي في أوروبا الشرقية والوسطى. «الموسوعة العربية الميسرة» (١١٢٦). وفي فاتحة تعليقات شكيب أرسلان على «تاريخ ابن خلدون» تعريفٌ جيدٌ بهم.
(¬٧) «السر المكتوم»: «لكثرة بعدهم عن ممرِّ البروج وحرارة الشمس».