كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)
وانفطرَت؛ ظهرَت حينئذٍ فضائحُهم، وتبيَّن كذبُهم، وظهَر أنَّ العالَم مربوبٌ مُحْدَثٌ مدبَّر، له ربٌّ يصرِّفه كيف يشاء؛ تكذيبًا لملاحدة الفلاسفة القائلين بقدَمِه.
فكم لله من حكمةٍ في هَدْم هذه الدَّار! ودلالةٍ على عظيم قدرته وعزَّته وسلطانه، وانفراده بالربوبية، وانقياد المخلوقات بأسرها لقَهْره، وإذعانها لمشيئته، فتبارك الله ربُّ العالمين.
ونحن لا ننكرُ ولا ندفعُ أن الزرعَ والنباتَ (¬١) لا ينمو ولا ينشأ إلا في المواضع التي تطلعُ عليها الشَّمس (¬٢)، ونحن نعلمُ أيضًا أنَّ وجود بعض النبات في بعض البلاد لا سببَ له إلا اختلافُ البلدان في الحرِّ والبرد الذي سببُه حركةُ الشَّمس وتقاربُها في قُربها وبُعْدِها من ذلك البلد.
وأيضًا، فإنَّ النخلَ ينبتُ في البلاد الحارَّة، ولا ينبتُ في البلاد الباردة، وشجرَ الموز (¬٣) لا ينبتُ في البلاد الباردة. وكذلك ينبتُ في البلادِ الجنوبية أشجارٌ وفواكهُ وحشائشُ (¬٤) لا يُعْرَف شيءٌ منها في جانب الشمال، وبالعكس.
وكذلك الحيواناتُ يختلفُ تكوُّنها (¬٥) بحسب اختلاف حرارة البلاد
---------------
(¬١) عاد النقل من «السر المكتوم» (٢٣).
(¬٢) «السر المكتوم»: «أو يصل إليها قوة حرُّها».
(¬٣) «السر المكتوم»: «شجر الأترج والليمو واللوز».
(¬٤) (ت): «وأعشاب».
(¬٥) في الأصول: «تختلف بكونها»، والحرف الأول مهمل في (د). وفي «السر المكتوم»: «يختلف الحال في تولدها».