كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
الأصلُ الأول
في العلم وفضله وشرفه، وبيان عُموم الحاجة إليه، وتوقُّف كمال العبد ونجاته في معاشه ومعاده عليه
قال الله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: ١٨].
استشهَد سبحانه بأولي العلم على أجلِّ مشهودٍ عليه، وهو توحيدُه، فقال: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ}.
وهذا يدلُّ على فضل العلم وأهله من وجوه:
أحدها: استشهادُهم دون غيرهم من البشر.
والثاني: اقترانُ شهادتهم بشهادته.
والثالث: اقترانها بشهادة ملائكته.
والرابع: أنَّ في ضمن هذا تزكيتَهم وتعديلَهم؛ فإنَّ الله لا يستشهِدُ من خلقه إلا العُدول، ومنه الأثرُ المعروفُ (¬١) عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «يحملُ هذا العلمَ من كلِّ خلفٍ عُدولُه؛ ينفونَ عنه تحريفَ الغالين، وانتحال المُبْطِلين، وتأويلَ الجاهلين» (¬٢).
وقال محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة: رأيتُ رجلًا قدَّم رجلًا إلى
---------------
(¬١) (ت): «المنقول».
(¬٢) سيأتي تخريجه مفصَّلًا (ص: ٤٦٣) حيثُ أفرد له المصنفُ فصلًا.