كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

فكأنَّ العالِمَ به، الحاذق المتناهي في خفيَّاته (¬١)، بعد هذا التَّعب والنَّصَب، وبعد هذا الكدِّ والدَّأب، وبعد هذه الكُلفة الشَّديدة والمُؤنة الغليظة (¬٢)، هو مستسلمٌ (¬٣) للمقدار، مُسْتَجْدٍ (¬٤) لما يأتي به الليلُ والنهار، وعادت حالُه مع علمه الكثير (¬٥) إلى حال الجاهل بهذا العلم الذي انقيادُه كانقياده، واعتبارُه كاعتباره (¬٦)، ولعلَّ توكُّل الجاهل أحسنُ من توكُّل العالم به، ورجاءه (¬٧) في الخير المشتهى (¬٨) ونجاته من الشرِّ المتوقَّى أقوى وأصحُّ (¬٩) من رجاء هذا المُدِلِّ بزِيجِه وحسابه وتقويمه وأسطُرلابه.
ولهذا لما لقي أبو الحسين النُّوري (¬١٠) ما شاء الله (¬١١) المنجِّم قال له:
---------------
(¬١) «المقابسات» (ز): «في حقائقه».
(¬٢) في الأصول: «والمعرفة الغليظة». والمثبت من «المقابسات».
(¬٣) في الأصول: «مستلزم». تحريف. والمثبت من «المقابسات».
(¬٤) «المقابسات»: «مستحذ». والمثبت من الأصول و (ز).
(¬٥) «المقابسات»: «الكبير».
(¬٦) «المقابسات»: «واعتياده كاعتياده». والمثبت من الأصول و (ز).
(¬٧) في الأصول: «ورضاه». وهو تحريف. والمثبت من «المقابسات».
(¬٨) «المقابسات»: «المتمنى». (ز، س): «المتوقع».
(¬٩) «المقابسات»: «وأفسح». (ز، س): «وأرسخ».
(¬١٠) كذا في الأصول. وهو خطأ. وفي «المقابسات» و «البصائر والذخائر» (٥/ ٣٠): «الثوري» بلا كنية. وهو الصواب. وفي «أخبار الحكماء» (٤٣٧): «سفيان الثوري». وانظر: «البيان والتبين» (٤/ ١٣). وأظن المصنف ظنَّه «النوري» فزاد كنيته من عنده. وأبو الحسين النوري شيخ الصوفية بالعراق لعصره، متأخر (ت: ٢٩٥). انظر: «السير» (١٤/ ٧٠).
(¬١١) في الأصول: «ماشا». والمثبت من «المقابسات»، و «البصائر والذخائر»، و «أخبار الحكماء». وهذا لقبه، واسمه ميشا، وهو منجمٌ يهودي، كان في زمن المنصور، وعاش إلى أيام المأمون.

الصفحة 1317