كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

إسماعيل بن إسحاق القاضي، فادَّعى عليه دعوى، فسأل المدَّعى عليه، فأنكر، فقال للمدَّعي: ألك بيِّنة؟ قال: نعم، فلانٌ وفلان. قال: أمَّا فلانٌ فمِن شهودي (¬١)، وأمَّا فلانٌ فليس من شهودي. قال: فيعرفُه القاضي؟ قال: نعم. قال: بماذا؟ قال: أعرفه بكَتْب (¬٢) الحديث. قال: فكيف تعرفُه في كَتْبه الحديث؟ قال: ما علمتُ إلا خيرًا. قال: فإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «يحملُ هذا العلمَ من كلِّ خلفٍ عدوله»؛ فمن عدَّله رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أولى ممَّن عدَّلتَه أنت. فقال: فقُم فهاتِه، فقد قبلتُ شهادتَه (¬٣).
وسيأتي ــ إن شاء الله ــ الكلامُ على هذا الحديث في موضعه.
الخامس: أنه وصَفهم بكونهم أولي العلم، وهذا يدلُّ على اختصاصهم به، وأنهم أهلُه وأصحابُه، ليس بمستعارٍ لهم.
السادس: أنه سبحانه استشهَد بنفسه ــ وهو أجلُّ شاهد ــ، ثمَّ بخيار خلقه ــ وهم ملائكتُه والعلماءُ من عباده ــ، ويكفي بهذا فضلًا وشرفًا.
السابع: أنه استشهَد بهم على أجلِّ مشهودٍ به وأعظمِه وأكبره، وهو شهادةُ أن لا إله إلا هو. والعظيمُ القَدْر إنما يستشهِدُ على الأمر العظيم أكابرَ الخلق وساداتهم.
---------------
(¬١) كان القضاة (منذ أواخر القرن الثاني) يتخذون لهم شهودًا ثبتت عدالتهم عندهم، فيقبلون شهاداتهم دون غيرهم، وقد ولي الشهادة جماعةٌ من أكابر العلماء.
(¬٢) (ت): «يكتب». والحرف الأول مهمل في (د).
(¬٣) أخرجه الخطيبُ البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (٥٧). واقرأ خبرًا آخر في «الطالع السعيد» للأدفوي (٦٩٦، ٦٩٧).

الصفحة 132