كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)
وجملةَ مسائلَ راعوها، فوجدوا القضيةَ في جميع ذلك صادقة، فدلَّهم ذلك على أنَّ الأصول التي عملوا عليها صحيحة.
فيقال لهم: إذا كان ما تدَّعونه من هذا دليلًا على صحة الأحكام، فما الفصلُ بينكم وبين من قال: الدليلُ على بطلان الأحكام أنَّا امتحنَّا مواليدَ صحَّحنا طوالعَها، ومسائل تفقَّدنا أحوالَها، فوجدنا جميعها باطلًا ولم يصحَّ الحكمُ في شيءٍ منها؟!
فإن قالوا: إنما يكونُ هذا لجواز الغلط على المنجِّم الذي عملها.
قيل لكم: فما تُنكِرون من أن يكون صِدْقُ المنجِّم في حكمه باتِّفاقٍ وتخمين، كإخراج الزَّوج والفرد (¬١)، وصِدْقِ الحَزْر في الوزن والكيل والذَّرْع والعدد؟!
وإذا كانت الدلالةُ على صحَّة مقالتكم صِدْقُكم في بعض أحكامكم، فالدلالةُ على بطلانها كذبُكم في بعضها (¬٢).
فإن قالوا: ليس ما قلناه بتخمين (¬٣)؛ لأنَّا إنما نحكمُ على أصولٍ موضوعةٍ في كتب القدماء.
قيل لهم: لسنا نشكُّ في أنكم تتبعونَ ما في الكتب، وتقلِّدون من
---------------
(¬١) نحو معرفة ما في اليد من زوجٍ وفرد. وهي من الألعاب. انظر: «روضة الطالبين» للنووي (١٠/ ٣٥١).
(¬٢) انظر: مختصر «القول في علم النجوم» للخطيب البغدادي (٢١٩)، و «رسائل الشريف المرتضى» (٢/ ٣٠٥).
(¬٣) (ت): «بتحكم منجمين».