كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

تقدَّمكم، وما يقعُ من الصِّدق فإنما يقعُ بحسب الاتِّفاق، والذي حصلتم عليه هو الحَدْسُ والتخمينُ بحسب ما في الكتب.
ومما يستدلُّ به من ينتسبُ إلى الإسلام منهم على تصحيح دلالة النجوم: قولُه تعالى: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: ٨٨ - ٨٩]، ولا حجَّة في هذا البتَّة؛ لأنَّ إبراهيم ــ عليه الصلاة والسلام ــ إنما قال هذا ليدفعَ به قومَه عن نفسه، ألا ترى أنه عزَّ وجلَّ قال بعدُ: {فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (٩٠) فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ} [الصافات: ٩٠ - ٩١]، فبيَّن تبارك وتعالى أنه إنما قال ذلك ليدفَعهم به، لِمَا كان عَزَمَ عليه من أمر الأصنام (¬١)، وليس يحتاجُ أحدٌ إلى معرفة أصحيحٌ هو أم سقيمٌ من النجوم؛ لأنَّ ذلك يُوجَدُ حِسًّا ويُعْلَمُ ضرورةً، ولا يُحتاجُ فيه إلى استدلالٍ وبحث» (¬٢).
قلت: قد احتُجَّ لهم بغير هذه الحُجَج، فنذكرُها ونبيِّن بطلانَ استدلالهم بها، وبيانَ الباطل منها.
قال أبو عبدالله الرازي (¬٣): «اعلم أنَّ المثبتينَ لهذا العلم احتجُّوا من كتاب الله بآيات.
---------------
(¬١) انظر ما سيأتي (ص: ١٣٨٤) والتعليق عليه.
(¬٢) هذا آخر ما نقله المصنف من رسالة أبي القاسم عيسى بن علي.
(¬٣) فخر الدِّين، محمد بن عمر، صاحب التصانيف (ت: ٦٠٦). ولم أجد هذا النصَّ فيما رأيت من كتبه، ومنها: «السر المكتوم». وبعض هذه الاستدلالات في تفسيره الكبير «مفاتيح الغيب» (٧/ ٢٦، ٩/ ١٤٥، ٢٦/ ١٤٧، ٣١/ ٣١)، و «السر المكتوم» (١٠٩، ١١٠)، والنبوات من «المطالب العالية» (٨/ ١٥٢).

الصفحة 1346