كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

* أمَّا الاستدلالُ بقوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ}؛ فإنَّ أكثر المفسِّرينَ على أنَّ المراد هو الكواكبُ التي تسيرُ راجعةً تارةً ومستقيمةً أخرى، فهذا القولُ قد قاله جماعةٌ من المفسِّرين (¬١)، وأنها الكواكبُ الخمسة: زُحَل وعطارد والمشتري والمرِّيخ والزُّهَرة، ويروى عن عليٍّ (¬٢)، واختاره مقاتل (¬٣) وابن قتيبة (¬٤).
قالوا: وسمَّاها خُنَّسًا لأنها في سيرها تتقدَّمُ إلى جهة المشرق، ثم تَخْنُس، أي: تتأخَّر، وكنوسُها استتارُها في مغربها، كما تَكْنِسُ الظِّباءُ وبقرُ الوحش، أي: تأوي إلى كِناسها، وهي أكنَّتها.
وتسمَّى هذه الكواكب: المتحيِّرة؛ لأنها تسيرُ مستقيمةً وتسيرُ راجعة.
وقيل: كُنوسُها بالنسبة إلى الناظر وهو استتارُها تحت شعاع الشَّمس.
وقيل: هي النجوم كلُّها. وهو اختيارُ أبي عبيدة (¬٥)، وقاله الحسنُ وقتادة (¬٦).
وعلى هذا القول، فيكون القسَمُ بها باعتبار أحوالها الثلاثة: مِن طلوعها،
---------------
(¬١) انظر: «زاد المسير» (٩/ ٤٢)، و «تفسير الطبري» (٢٤/ ٢٥١). وقال المصنف في «أيمان القرآن» (١٨٤): «وهو الصواب».
(¬٢) أخرجه الطبري (٢٤/ ٢٥١)، وغيره. انظر: «الدر المنثور» (٨/ ٤٣١).
(¬٣) في «تفسيره» (٣/ ٤٥٦). وفي (ق): «ابن مقاتل». وهو خطأ.
(¬٤) في «غريب القرآن» (٥١٧)، و «الأنواء» (١٢٦).
(¬٥) في «مجاز القرآن» (٢/ ٢٨٧). وفي الأصول: «أبي عبيد». وهو تحريف. وعلى الصواب في «زاد المسير»، وهو مصدر المصنف.
(¬٦) أخرجه عنهما الطبري (٢٤/ ٢٥١، ٢٥٢).

الصفحة 1360