كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
وغَلَبتَه لهم بالحُجَّة، وأخبر عن تفضيله بذلك، ورفعِه درجتَه بعلم الحُجَّة، فقال تعالى عقيب مناظرته لأبيه وقومه في سورة الأنعام: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣)}.
قال زيدُ بن أسلم رضي الله عنه: «نرفعُ درجاتٍ من نشاء بعلم الحُجَّة» (¬١).
الوجه الرابع والعشرون: أنه سبحانه أخبر أنه خلقَ الخلق، ووضعَ بيتَه الحرام، والشهرَ الحرام، والهَدْي، والقلائد (¬٢)؛ ليعلمَ عبادُه أنه بكلِّ شيءٍ عليم، وعلى كلِّ شيءٍ قدير، فقال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: ١٢]؛ فدلَّ على أنَّ علمَ العباد بربِّهم وصفاته وعبادتَه وحده هو الغايةُ المطلوبةُ من الخلق والأمر.
الوجه الخامس والعشرون: أنَّ الله سبحانه أمر أهلَ العلم بالفرح بما آتاهم، وأخبر أنه خيرٌ مما يجمعُ الناس، فقال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: ٥٨]، وفُسِّرَ فضلُ الله بالإيمان،
---------------
(¬١) أخرجه أحمد في «المسند» (١/ ٦٣)، و «العلل» (٢/ ١٩٠ - رواية عبد الله)، وابن وهب في تفسير القرآن من «الجامع» (٢٧٤)، وغيرهما من طريق مالك عن زيد بن أسلم، قال: «بالعلم».
وانظر: «المدخل إلى السنن» للبيهقي (١/ ٣٠٤)، و «جامع بيان العلم وفضله» (١/ ٢١٨). ولم أجده باللفظ الذي ذكره المصنف.
(¬٢) يشير لآية المائدة: ٩٧.