كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
وعلى هذا، فيكونُ قوله: {لِيَتَفَقَّهُوا} و {وَلِيُنْذِرُوا} للفرقة التي نفرت منها طائفة.
وهذا قولُ الأكثرين (¬١).
وعلى هذا، فالنفيرُ نفيرُ جهادٍ ــ على أصله ــ؛ فإنه حيثُ استُعمِل إنما يُفْهَمُ منه الجهاد، قال الله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} [التوبة: ٤١]، وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهادٌ ونيَّة، وإذا استُنفِرتُم فانفروا» (¬٢)، وهذا هو المعروفُ من هذه اللفظة.
وعلى القولين، فهو ترغيبٌ في التفقُّه في الدِّين، وتعلُّمه، وتعليمه؛ وأنَّ ذلك (¬٣) يعدلُ الجهاد، بل ربما يكونُ أفضلَ منه، كما سيأتي تقريره في الوجه الثامن والمئة إن شاء الله تعالى.
الوجه السادسُ والثلاثون: قولُه تعالى: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}، قال الشافعي رضي الله عنه: «لو فكَّر الناسُ كلُّهم في هذه السورة لكفتهم» (¬٤).
وبيانُ ذلك: أنَّ المراتب أربعة (¬٥)، وباستكمالها يحصلُ للشخص غايةُ كماله:
---------------
(¬١) انظر: «زاد المسير» (٣/ ٥١٧)، و «تفسير القرطبي» (٨/ ٢٩٤).
(¬٢) أخرجه البخاري (١٨٣٤)، ومسلم (١٨٦٤) عن ابن عباس.
(¬٣) (ق): «فإن ذلك».
(¬٤) انظر: «تفسير ابن كثير» (٨/ ٣٨٥٢).
(¬٥) كذا في الأصول، في الموضعين، من باب الحمل على المعنى.