كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
وقال في حقِّ الخَضِر صاحب موسى وفتاه: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: ٦٥]؛ فذكر مِن نعمه عليه تعليمَه، وما آتاه من رحمته.
وقال تعالى يذكرُ نعمتَه على داود وسليمان: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء: ٧٨ - ٧٩]، فذكَر النبيَّين الكريمَين، وأثنى عليهما بالحُكم والعلم، وخَصَّ بفهم القضيَّة أحدَهما.
وقد ذكرتُ الحُكمَين الداووديَّ والسُّليمانيَّ، ووجهَيهما (¬١)، ومن صار من الأئمَّة إلى هذا ومن صار إلى هذا، وترجيحَ الحكم السُّليمانيِّ من عدَّة وجوه، وموافقتَه للقياس وقواعد الشرع، في كتاب «الاجتهاد والتقليد» (¬٢).
وقال تعالى: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ} (¬٣)، يعني: الذي أنزله.
جعَل سبحانه تعليمَهم ما لم يعلموا هم ولا آباؤهم دليلًا على صحة (¬٤)
---------------
(¬١) (د، ت، ق، ن): «ووجههما».
(¬٢) لم يذكره مترجمو المصنف ضمن كتبه، وأشار هو إليه في «تهذيب السنن» (٦/ ٣٤١). انظر: «ابن القيم» للشيخ بكر (٢٠٠). وفي «إعلام الموقعين» (١/ ٣٢٦ - ٣٣٠) بحثٌ حول الحُكمَين المذكورَين.
(¬٣) سورة الأنعام [الآية: ٩١].
(¬٤) (ت): «حجة»، في الموضعين.