كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
رواه بعضُهم فلم يرفعه».
وإنما جُعِلَ طلبُ العلم من سبيل الله لأنَّ به قِوامَ الإسلام، كما أنَّ قِوامَه بالجهاد، فقِوامُ الدِّين بالعلم والجهاد.
ولهذا كان الجهادُ نوعين:
* جهادٌ باليد والسِّنان، وهذا المشاركُ فيه كثير.
* وجهادٌ بالحجَّة والبيان، وهذا جهادُ الخاصَّة من أتباع الرسل، وهو جهادُ الأئمَّة، وهو أفضلُ الجهادَين؛ لعظم منفعته، وشدَّة مؤنته، وكثرة أعدائه.
قال تعالى في سورة الفرقان ــ وهي مكيَّة ــ: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (٥١) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}، فهذا جهادٌ لهم بالقرآن، وهو أكبرُ الجهادَين (¬١)، وهو جهادُ المنافقين أيضًا؛ فإنَّ المنافقين لم يكونوا يقاتلون المسلمين، بل كانوا معهم في الظَّاهر، وربَّما كانوا يقاتلون عدوَّهم معهم، ومع هذا فقد قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ٧٣، التحريم: ٩]، ومعلومٌ أن جهادَ المنافقين بالحجَّة والقرآن.
والمقصودُ أنَّ سبيلَ الله هي الجهادُ وطلبُ العلم ودعوةُ الخلق به إلى الله، ولهذا قال معاذٌ رضي الله عنه: «عليكم بطلب العلم؛ فإنَّ تعلُّمَه لله خشية،
---------------
(¬١) (ت): «وهو أكبر الجهادين مؤنة».